فليتدبّر العاقل والنبيه الكامل ، أنّهم صلوات الله عليهم قادرون على دفع الباغين عليهم ، ومتمكّنون من إهلاك من أساء إليهم ، ولكنّهم صبروا على أذى الأعداء ، وتحمّلوا منهم أنواع الشدائد والبلاء ، لينالوا المطلوب ، ويفوزوا بوصال المحبوب ، فقد شرّفهم الله بكراماته ، واستودعهم سرّه ، واستحفظهم غيبه ، واسترعاهم عباده ، واطّلعهم على مكنون أمره ، ولقّنهم حكمته ، وولاّهم أمر خلقه ، وأمّرهم على بريّته ، واصطفاهم لتنزيله ، وأخدمهم ملائكته ، وصرّفهم في مملكته ، وارتضاهم لعلمه ، واجتباهم لكلماته ، وجعلهم أعلاماً لدينه ، وشهداء على عباده ، وأمناء في بلاده ، فهم الأئمّة الزكيّة ، والعترة المرضية ، والسادة العلوية.
إذا رمت يوم البعث تنجو من اللظى |
|
ويقبل منك الدين والفرض والسنن |
فوال (١) عليّاً والأئمّة بعده |
|
نجوم الهدى تنجو من الضيق والمحن |
وهم عترة قد فوض الله أمره |
|
إليهم فلا ترتاب في غيرهم ومن |
أئمّة حقّ أوجب الله حبّهم |
|
فطاعتهم فرض به الخلق ممتحن |
فحبّهم ذخر يخصّ وليهم |
|
يلاقيه عند الموت والقبر والكفن |
كذلك يوم البعث لم ينج قادم |
|
من النّار إلاّ من توالى أبا الحسن |
روي في كتاب المعالم عن أبي الصلت الهروي أنّه قال : بينما أنا واقف بين يدي أبي الحسن الرضا عليهالسلام فقال لي : « يا أبا الصلت ، ادخل هذه القبّة الّتي فيها قبر هارون ، فأتني بتراب من أربع جوانبها ».
قال : فمضيت وأتيته بما طلب ، فلمّا مثل بين يديه قال لي : « ناولني من هذا التراب ، وهو من عند الباب ». فناولته فأخذه وشمّه ثمّ رمى به ، ثم قال : « سيحفر لي هاهنا قبر وتظهر صخرة لو اجتمع عليها كلّ معول بخراسان لم يمكن قلعها ».
__________________
الألفاظ ، وما بين المعقوفات منه.
(١) في النسخة : « توالي ».