ثمّ طلب الّذي من عند الرأس ، ثمّ الّذي من عند الرجل ، وفعل به كذلك ، ثمّ قال : « ناولني من هذا التراب فهو من تربتي ».
ثمّ قال لي : « سيحفر لي في هذا الموضع ، فاؤمرهم أن يحفروا لي سبع مراقي إلى أسفل وأن يشقّ لي ضريحاً ، فإن أبوا إلاّ أن يلحدوني فاؤمرهم أن يجعلوا اللحد ذراعين وشبراً ، فإنّ الله سبحانه سيوسعه ، فإذا فعلوا ذلك فإنّك ترى عند رأسي نداوة ، فتكلّم بالكلام الذي أعلّمك به ، فإنه ينبع الماء حتّى يمتلئ اللحد وترى فيه حيتاناً صغاراً ، فتفتّت لها الخبز الّذي أعطيك إيّاه فإنّها تلتقطه ، فإذا لم يبق منه شيء خرجت منه حوتة كبيرة فالتقطت الحيتان الصغار حتّى لا يبقى منها شيء ثمّ تغيب ، فإذا غابت تضع يدك على الماء وتكلّم بالكلام الّذي أعلّمك به ، فإنه ينضب الماء ولا يبقى منه شيء ، ولا تفعل ذلك إلاّ بحضرة المأمون ».
ثم قال عليهالسلام : « يا أبا الصلت ، غداً أدخل على هذا الفاجر ، فإن أنا خرجت وأنا مكشوف الرأس فتكلّم معي أكلّمك ، وإن خرجت وأنا مغطّى الرأس فلا تكلّمني ».
قال أبو الصلت : فلمّا أصبحنا من الغد لبس ثيابه وجلس في محرابه ينتظر ، فبينا هو كذلك إذ دخل عليه غلام المأمون فقال له : أجب أمير المؤمنين.
فلبس نعله ورداءه وقام يمشي وأنا أتّبعه حتّى دخل على المأمون وبين يديه طبق عليه عنب وأطباق فاكهة بين يديه ، وبيده عنقود عنب قد أكل بعضه وبقي بعضه ، فلمّا أبصر بالرضا عليهالسلام وثب إليه وعانقه وقبّل ما بين عينيه وأجلسه معه ، ثمّ ناوله العنقود وقال : يا ابن رسول الله هل رأيت عنباً أحسن من هذا ؟
فقال له الرضا عليهالسلام : « ربّما كان عنباً حسناً يكون من الجنّة ».
فقال له : كل منه.
فقال له الرضا عليهالسلام : « تعفيني منه ».
فقال له : لابدّ من ذلك ما يمنعك منه ؟ لعلّك تتّهمنا بشي ؟
فتناول العنقود فأكل منه الرضا ثلاث حبّات ثمّ رمى به وقام ، فقال له