كلّ يوم يزيد فيه شجوني |
|
واكتئابي عليك ليس يبيد |
جلّ خطبي فبان عنّي عزائي |
|
فبكائي في كلّ وقت يزيد |
إنّ قلباً عليك يألف صبراً |
|
أو عزاءً فإنّه لجليد |
ثمّ نادت : « يا أبتاه ، انقطعت بك الدنيا وأنوارها ، وذوت زهرتها ، وكانت بهجتك زاهرة ، فقد اسودّ نهارها ، فصار يحكى حنادسها ، رطبها ويابسها.
يا أبتاه ، لا زلت آسفة عليك إلى التلاق.
يا أبتاه زال غمضي منذ حقّ الفراق.
يا أبتاه ، من للأرامل والمساكين ؟ ومَن للأمّة إلى يوم الدين ؟
يا أبتاه ، أمسينا بعدك من المستضعفين ؟
يا أبتاه ، أصبحت الناس عنّا معرضين ، ولقد كنّا بك معظّمين وفي الناس غير مستضعفين ! فأيّة دمعة لفراقك لا تنهمل ؟ وأيّ حزن عليك لا يتّصل ؟ وأيّ جفن بعدك بالنوم يكتحل ؟ وأنت ربيع الدين ونور النبيّين ، وكيف للجبال لا تمور ؟ وللبحار بعدك لا تغور ؟ والأرض لم تتزلزل ؟ والجبال بعدك لا تتهيّل ؟
رمتينا يا أبتاه بعدك بالخطب الجليل ، والفادح المهول ، ولم يكن رزؤك علينا بالقليل ، وطرقتنا يا أبتاه بالمصاب العظيم الثقيل.
قد بكتك يا أبتاه الأملاك ، ووقفت عن حركتها الأفلاك ، فمنبرك خال من ذاتك ، وقبرك فرح بمواراتك ، ومحرابك مستوحش لفقد مناجاتك ، والجنّة مشتاقة إليك وإلى دعواتك وصلواتك.
يا أبتاه ، ما أعظم ظلمة مساجدك ومجالسك وأوقاتك ! فوا أسفاه عليك إلى أن أقدم عاجلاً عليك.
ولقد أثكل أبو الحسن المؤتمن أبو ولديك الحسن والحسين ، وأخوك ووليّك ، وحبيبك وصفيّك ، ومن ربّيته صغيراً ، وآخيته كبيراً ، وأجلّ أحبابك إليك وأعزّ أصحابك عليك ، من كان منهم سابقاً ومهاجراً ومحامياً وناصراً ، والبكاء قاتلنا والأسى لازمنا ».