__________________
يوماً وليلة ، يا أبا الحسن ولا تصح في وجوههما فيصبحان يتيمين غريبين منكسرين ، فإنّهما بالأمس فقدا جدّهما واليوم يفقدان أمّهما ، فالويل لأمّة تقتلهما وتبغضهما ».
ثمّ أنشأت تقول :
ابكني إن بكيت يا
خير هادي |
|
واسبل الدمع فهو
يوم الفراق |
يا قرين البتول
أوصيك بالنسل |
|
فقد أصبحا حليف
اشتياق |
ابكني وابك
لليتامى ولا تنس |
|
قتيل العدى بطفّ
العراق |
فارقوا فاصبحوا
يتامى حيارى |
|
يحلف الله فهو يوم
الفراق |
قالت : فقال لها علي عليهالسلام : « من أين لك يا بنت رسول الله هذا الخبر ، والوحي قد انقطع عنّا » ؟ فقالت : « يا أبا الحسن ، رقدت الساعة فرايت حبيبي رسول الله صلىاللهعليهوآله في قصر من الدّر الأبيض ، فلما رآني : هلمّي إلَيّ يا بُنيّة فإنّي إليك مشتاق. فقلت : والله إني لأشدّ شوقاً منك إلى لقائك. فقالت : أنت الليلة عندي. وهو صادق لما وعد ، والموفي لما عاهد.
فإذا أنت قرأت يس فاعلم أنّي قد قضيت نحبي ، فغسّلني ولا تكشف عنّي ، فإنّي طاهرة مطهرة ، وليصلّ عليّ معك من أهلي الأدنى فالأدنى ، ومن رزق أجري ، وادفنّي ليلاً في قبري ، بهذا أخبرني حبيبي رسول الله صلىاللهعليهوآله ».
فقال علي : « والله لقد أخذت في أمرها ، وغسّلتها في قميصها ولم اكشفه عنها ، فوالله لقد كانت ميمونة طاهرة مطهّرة ، ثم حنّطتها من فضل حنوط رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وكفّنتها وأدرجتها في أكفانها ، فلمّا هممت أن أعقد الرداء ناديت : « يا أمّ كلثوم ، يا زينب ، يا سكينة ! يا فضّة ، يا حسن ، يا حسين ، هلمّوا تزوّدوا من أمّكم ، فهذا الفراق واللقاء في الجنّة ».
فأقبل الحسن والحسين عليهماالسلام وهما يناديان : « وا حسرتا ، لا تنطفئ أبداً من فقد جدّنا محمّد المصطفى وأمّنا فاطمة الزهرا ، يا أمّ الحسن يا أمّ الحسين إذا لقيت جدّنا محمّد المصطفى فاقرئيه منّا السلام وقولي له : إنا قد بقينا بعدك يتيمين في دار الدنيا ».
فقال أمير المؤمنين عليهالسلام : « إنّي أشهد الله أنّها قد حنّت وأنّت ومدّت يديها وضمّتهما إلى صدرها مليّاً ، وإذا هاتف من السماء ينادي : يا أبا الحسن ارفعهما عنها ، فلقد أبكيا والله ملائكة السماوات ، فقد اشتاق الحبيب إلى المحبوب ».
قال : فرفعتهما عن صدرها وجعلت أعقد الرداء وأنا أنشد بهذه الأبيات :
فراقك أعظم
الأشياء عندي |
|
وفقدك فاطم أدهى
الثكول |
سأبكي حسرة وأنوح
شجواً |
|
على خلّ مضى أسنى
سبيل |