فقال علي عليهالسلام : « فلمّا نعى إليّ نفسه وجف فؤادي وألقى عَليّ بقوله البكاء فلم أقدر أن أجيبه بشيء ، ثمّ عاد لقوله فقال : يا عليّ ، أو تقبل وصيّتي » ؟
قال : « وقلت ـ وقد خنقتني العبرة ولم أكد أن أبِن ـ : نعم يا رسول الله.
فقال صلىاللهعليهوآله : يا بلال ، آتني بسوادي ، آتني بذي الفقار ودرعي ذا الفضول ، آتني بمغفري ذات الجبين ورايتي العقاب ، وآتني بالفترة والممشوق. فأتى بذلك إلاّ درعةً كانت يومئذ مرتهنة.
ثمّ قال : آتني بالمرتجز والعضباء ، وآتني باليعفور والذلول. فأتى بها وأوقفها بالباب.
ثمّ قال : آتني بالأتحميّة والسحاب. فأتاه بهما ، فلم يزل يدعو بشيء شيء ، فافتقد عصابة كان يشدّ بها بطنه ، فطلبها فأتي بها إليه والبيت غاص يومئذ بمَن فيه.
ثم قال : يا عليّ ، قُم فاقبض هذا في حياة منّي وشهادة من البيت كيلا ينازعك أحد من بعدي. فقمت وما كدت أمشي على قدم حتّى استودعت ذلك جميعاً منزلي.
فقال صلىاللهعليهوآله : يا علي ، أجلسني. فأجلسته وسنّدته إلى صدري وإنّ رأسه ليثقل ضعفاً وهو يقول : يسمع أقصى أهل بيتي وأدناهم : إن أخي ووصيّي ووزيري وخليفتي في أهلي علي بن أبي طالب ، يقضي دَيني وينجز موعدي.
يا بني هاشم ويا بني عبد المطلب ، لا تبغضوه ولا تخالفوا عن أمره فتضلوا ، ولا ترغبوا عنه فتكفروا ، اضجعني يا علي. فأضجعته.
فقال : يا بلال ، آتني بولدي الحسن والحسين. فانطلق فجاء بهما ، فأسندهما الى صدره فجعل يشمّهما حتّى ظننت أنّهما غمّاه وتأهّبت لآخذهما عنه ، فقال : دعهما يا علي أشمّهما ويشمّاني ، ويتزوّدان منّي وأتزوّد منهما ، فسيلقيان من بعدي زلزالاً وأموراً عضالاً ، فلعن الله من يجفيهما ، اللهمّ إني أستودعكهما وصالح المؤمنين ».