قلت : من أعلمك أنّي بالباب ؟
فقالت : أخبرتني سيّدتي ومولاتي أنّ بالباب رجلاً من كندة من أطيبها خياراً جاء يسألني عن موضع قرّة عيني.
فكبر ذلك عندي ، فوّليتها ظهري كما كنت أدخل على رسول الله صلىاللهعليهوآله في بيت أمّ سلمة ، فقلت لها : ما منزلة الحسين ؟
قالت : « لما ولدت بالحسن عليهالسلام أمرني رسول الله صلىاللهعليهوآله أن لا ألبس ثوباً أجد فيه اللذّة حتّى أفطمه ، فأتاني أبي زائراً فنظر إلى الحسن عليهالسلام فرآه يمصّ النوى ، فقال : فطمتيه ؟ قلت : نعم. قال : إذا أحبّ على الاشتمال فلا تمنعيه ، فإنّي أرى في مقدّم وجهك نوراً وضوءاً ، وذلك إنّك ستلدين غلاماً يكون حجة لهذا الخلق.
فلمّا تمّ شهر من حملي وجدت في بدني سخنة ، فقلت لأبي ذلك ، فدعا بكوز ماء فتفل فيه وتكلّم عليه وقال : اشربي منه ، فشربت ، فطرد الله عنّي ما كنت أجد ، وصرت في الأربعين من الأيّام ، فوجدت دبيباً في بطني كدبيب النمل فيما بين الجلدة والثوب ، فلم أزل على ذلك حتّى تم الشهر الثاني ، فوجدت الاضطراب والحركة ، فو الله لقد تحرّك وأنا بعيدة من المطعم والمشرب ، فعصمني الله حتّى كأنّي شربت لبناً ، حتّى تمت الثلاثة الأشهر وأنا أجد الزيادة والخير في منزلي.
فلمّا صرت في الأربعة آنس الله به وحشتي ، ولزمت المسجد لا أخرج منه إلاّ لحاجة تخرجني ، وكنت في الزيادة والخفّة في الظاهر والباطن حتّى تمّت الخمسة ، فلمّا صارت الخمسة (١) كنت لا أحتاج في الليلة الظلماء إلى المصباح ، وجعلت أسمع إذا خلوت في مصلاّي التسبيح والتقديس في باطني.
فلمّا مضى فوق ذلك تسع ازددت قوّة ، فذكرت ذلك لأم سلمة ، فشدّ الله بها عضدي ، فلما زالت العشرة غلبتني عيني فأتاني آت فمسح جناحه على ظهري ، فقمت وأسبغت الوضوء وصلّيت ركعتين ، ثم غلبتني عيني فأتاني آت في منامي وعليه ثياب بيض ، فجلس عند رأسي ونفخ في وجهي وفي قفاي ، فقمت وأنا
__________________
(١) في المصدر : « فلما أن دخلت الستّة ».