والاخبار الشريفة ـ كلمة : قدر .
وبعد هذه المرحلة تأتي مرحلة القضاء ، فكل ما ينتج من عالم الأوليات والأسباب فهو « القضاء » فاذا قيل : القضاء حتم ، فهو من باب أن المسبب لا بد من حصوله عند حصول السبب ، مع عدم المانع من التأثير ، وفي مثالنا السابق فإن الأرض الخالية من الشوائب اذا القي فيها البذر ، وسقيت كان خروج الزرع فيها حتماً لأن حكمة الله إقتضت هذه النتيجة بعد اجراء تلك المقدمات .
إذاً : القضاء ليس هو إجبار الله لخلقه ، أو لكل شيء على حصول النتائج ، بل هو الحتمية على ما قدر للشيء من تقدير فهو ترتيب حتمي لما يحصل من وجوه الأوليات ، وتفاعلها .
وحينئذٍ فبيد العبد أن يدفع القضاء ، ويقف في طريقه لأن الأوليات بيده وهي مقدورة له من حيث الوجود ، والعدم .
يقول الإِمام الرضا « عليه السلام » لسائله « ما من فعلة يفعلها العباد من خير ، وشر إلا ولله فيها القضاء . قلت : فما معنى القضاء ؟
قال : الحكم عليهم بما يستحقونه على أفعالهم من الثواب ، والعقاب في الدنيا ، والآخرة » (١) .
إن الله بعد أن بين للناس خيرهم ، وشرهم قضى ، بان من سلك طريق الخير نال الثواب . أما من يسلك طريق الشر كان جزاؤه العقاب . وحينئذٍ ، فالأمر بيد الإِنسان نفسه ما دامت الأوليات تحت
__________________
(١) البحار . مجلد / ٣ / ص (٥ ، ٣٣) الطبعة الحديثة .