أمّا الأولان فقد سبق تحقيقهما بما لا مزيد عليه ، وبيّنّا أنّه لا أساس للقول بالعلّية ، كما بيّنّا أنّ مجرّد طولية أصلٍ ومحكوميته لأصلٍ لا يمنع عن سقوطه بالمعارضة مع معارض الأصل الحاكم عليه.
وأمّا الثالث فملخّص ما ينسب إلى سيّدنا الوالد (١) قدسسره في المقام : أنّ أصالة الطهارة في الملاقي كما يكون في طول أصالة الطهارة في الملاقى ـ بالفتح ـ كذلك يكون هناك أصل آخر في طول أصالة الطهارة في الطرف الآخر ، وهو أصالة الحلّية فيه ، إذ الحلّية فيه من الآثار الشرعية لطهارته ، وهذان الأصلان الطوليان ـ أعني أصالة الحلّية في الطرف الآخر فيما إذا كان قابلاً للحلّية ، وأصالة الطهارة في الملاقى ـ في رتبةٍ واحدةٍ فيتساقطان بالمعارضة.
وهذا البيان قد أورده سيّدنا الوالد على التقريب المزبور لإجراء أصالة الطهارة في الملاقي بعد تسليم مباني التقريب التي أشرنا إلى ابتنائه عليها ، بمعنى أنّها إذا تمّت فيرد على التقريب المزبور ما افيد. وقد اعترف بالبيان المزبور جملة من معاصريه من المحقّقين (٢) ، إلّا أنّه غير واضحٍ في النظر القاصر ، كما سنشير اليه.
وأمّا الرابع فهو من المسلّمات عندهم ، إلّا أنّ لمنعه مجالاً واسعاً ، بمعنى أنّ التحقيق في النظر القاصر : هو عدم حكومة أصالة الطهارة في الملاقَى ـ بالفتح ـ على أصالة الطهارة في الملاقي.
وبيان ذلك : أنّ الحكومة إمّا أن تكون بملاك رفع دليل الحاكم لموضوع دليل المحكوم بالتعبّد ، كما في الأمارة المجعول فيها الطريقية بالإضافة الى الاصول ، ولا يفرق في الرفع المذكور الذي هو ملاك هذه الحكومة بين أن يكون
__________________
(١) نسبه المحقّق العراقي في نهاية الأفكار ٣ : ٣٦٢
(٢) منهم المحقّق العراقي في نهاية الأفكار ٣ : ٣٦٣