وحيث ثبت أنّ الملاقَى ـ بالفتح ـ ليس نجساً فيرتفع الشكّ في نجاسة ملاقيه ؛ لأنّ نجاسة الملاقي إنّما تكون بسبب نجاسة الملاقى ـ بالفتح ـ ، وحيث حكم بعدم نجاسته شرعاً فلا معنى للشكّ في نجاسة ملاقيه مدفوعة : بأنّ الإشكال ليس من ناحية أنّ عدم نجاسة الملاقَى ـ بالفتح ـ لا يثبت بالتعبّد بطهارته ، فلا يثبت طهارة الملاقي ؛ لأنّها من آثار عدم نجاسة الملاقَى ـ بالفتح ـ ، لا من آثار طهارته حتّى يجاب عن ذلك بأنّ التعبّد بالطهارة يثبت به عدم النجاسة ، أو أنّه بعينه تعبّد بعدم النجاسة ، بل الإشكال من ناحية أنّ هذا التعبّد لا يقتضي إلغاء الشكّ في طهارة الملاقي أصلاً ، بل يقتضي الحكم بطهارة الملاقي ؛ لأنّها من آثار عدم نجاسة الملاقى ـ بالفتح ـ الثابت بجريان أصالة الطهارة فيه ، إلّا أنّ الحكم بطهارة الملاقي أمر وإلغاء الشكّ في طهارته الواقعية الذي هو المحقِّق للحكومة في المقام أمر آخر ، فالتعبّد بأنّ الملاقى ـ بالفتح ـ ليس بنجس تعبّد بأنّ الملاقي ليس بنجس ، لا تعبّد بأنه ليس بمشكوك النجاسة ، ولا ملازمة بين التعبّدين.
وإن كانت الحكومة المدَّعاة بملاك النظر ففيه : أن أصالة الطهارة إنّما توجب ترتيب جميع آثار الطهارة الواقعية في الظاهر ، فهي ناظرة إلى أدلّة الأحكام الواقعية وحاكمة عليها حكومةً ظاهرية ، إذ لا معنى لها لو لا فرض تلك الآثار في المرتبة السابقة ، وليس لها نظر إلى حكمٍ ظاهريٍّ أصلاً ، فأصالة الطهارة في الملاقَى ـ بالفتح ـ لا يكون ناظراً إلى أصالة الطهارة في الملاقي ، إذ لا موجب لتقدير هذا النظر في الأصل المزبور ، وإنّما هي ناظرة إلى الآثار الواقعية المترتّبة على طهارة الملاقى ـ بالفتح ـ ، وعلى هذا فلا حكومة أصلاً في المقام ، بل في فرض ملاقاة شيءٍ ، لمشكوك الطهارة تكون أصالة الطهارة في الملاقَى ـ بالفتح ـ مقتضية لترتيب جميع آثارها التي منها طهارة الملاقي كما أنّ دليل الأصل يقتضي جريان أصالة الطهارة في نفس الملاقي مستقلّاً ، وليست أصالة الطهارة في