الجمعة مرخَّص فيه في حال انفراده وفي حال انضمامه إلى ترك الظهر ، ولا يكون الترخيص في ترك الظهر والترخيص في ترك الجمعة كذلك منافيين للوجوب الشرعي المفروض تعلّقه بالجامع أصلاً ، فكما لا يكون هذان الترخيصان الواقعيان منافيين للوجوب الشرعي المتعلق بالجامع كذلك لا يكون الترخيصان الظاهريان في المقام منافيين للوجوب العقلي المتعلّق بالجامع.
وبتعبيرٍ أوضح : أنّ الوجوب الشرعي لو تعلّق بالجامع بين الظهر والجمعة حقيقةً فليس مرجعه إلى الإلزام بكلٍّ منهما في ظرف ترك الآخر بحيث يكون عبارةً عن إلزامين مشروطين ، بل هو إلزام بالجامع فقط. وأمّا الظهر خاصّةً فليست متعلّقةً للإلزام حتى في ظرف ترك الجمعة ، بل هي مباحة لا إلزام بها حتى في هذا الظرف ، وإنّما الإلزام واقف على الجامع دائماً.
وعليه فالإباحة ثابتة لصلاة الظهر في جميع الأحوال والإلزام غير متعلّقٍ بها أصلاً ، وكذلك صلاة الجمعة فإنّه لا إلزام بها حتى في ظرف ترك الظهر ، وإذن فهي متعلّقة للإباحة في جميع أحوالها أيضاً. وعليه فقد اجتمع وجوب شرعيّ للجامع بين الظهر والجمعة مع الإباحة الواقعية للظهر في جميع أحوالها ، وللجمعة في جميع أحوالها ، ففي المقام أيضاً لا يكون إباحة كلٍّ من الفعلين بالإباحة المطلقة منافياً لوجوب الجامع بينهما وتنجّزه عقلاً.
وتمام المرام بيان أنّ ثبوت الإباحة المطلقة الظاهرية في كلٍّ من الطرفين اللذَين يعلم بوجوب أحدهما ليس معناه إذن الترخيص في ترك الجامع رأساً ، وليس ملازماً لمعذوريته في ترك الجامع حتى ينافي حكم العقل بوجوب الإتيان بالجامع ، وإلّا لو كان ملازماً لذلك ومؤدّياً له لكانت الإباحة الواقعية الثابتة لكلٍّ فرد من أفراد الواجب الشرعي في جميع أحواله مؤدّيةً إلى الإذن في ترك الواجب رأساً.