من عدم الرطوبة لا يعقل أن تكون محقّقةً للإحراق ومتمِّمة لعلّته ، وإذن فمانعية الأصل الطولي معقولة ؛ لأنّها وإن كانت توجب ـ على فرض ثبوتها ـ رفع المعارض للأصل الحاكم إلّا أنّ هذا الارتفاع للمعارض لمّا كان مسبّباً عن مانعية الأصل الطولي ، المسبّبة عن سقوط الحاكم فلا يجوز أن يكون مصحِّحاً لجريانه ، فتدبّره فإنّه دقيق.
فتلخّص : أنّ الوجوه المزبورة لا تنهض على عدم سقوط الأصل الطولي بالمعارضة ، والمتعيّن على هذا سقوطه ، ووجهه وإن اتّضح بما سبق إلّا أنّنا نقرِّب ذلك في المقام بتقريبٍ لا يخلو من تفصيل ؛ ليتّضح المطلب تمام الوضوح ، وذلك بتقديم أمرين :
أحدهما : أنّ العلم الإجمالي سواء تعلّق بتكليفٍ مردّدٍ أو بتخصيصٍ مردّدٍ يكون منجِّزاً ، فكما أنّ العلم الإجمالي بوجوب الظهر أو الجمعة منجِّز للجامع ـ بمعنى مصحِّحيّته للعقاب على مخالفته ـ وتتعارض الاصول في الأطراف بلحاظ ذلك ، كذلك العلم الإجمالي بتخصيص عمومٍ من العمومات بأحد فردين وخروجه منه ، فإنّه يوجب قصور العموم عن الشمول لكلا الفردين ، وهو يوجب تعارض عموم العامِّ لكلٍّ من الفردين مع عمومه للفرد الآخر ، ويبقى العامّ مجملاً بالإضافة إلى كلٍّ منهما.
ثانيهما : أنّ العلم الإجمالي اذا كان أحد طرفيه منجِّزاً في الزمان السابق أو في الرتبة السابقة صار هذا على مبانيهم مانعاً عن تنجيز العلم الإجمالي ، بمعنى أنّه إذا كان علماً بالتكليف المردّد لم يتنجّز التكليف في الطرف الآخر ، وإذا كان علماً بخروج فردٍ مردّدٍ عن عامٍّ لم يصر العامّ مجملاً بالإضافة إلى الفرد الآخر ؛ لانحلال العلم الإجمالي بالمنجِّز القائم في أحد طرفيه في الرتبة السابقة.
إذا اتّضح هذا فنقول : إنّ المكلف في المقام لمّا كان يعلم بنجاسة أحد