هذا إِنْ هذا إِلَّا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ) [الأنفال : ٣١].
و (أَثارَةٍ) بفتح الهمزة : البقية من الشيء. والمعنى : أو بقية بقيت عندكم تروونها عن أهل العلم السابقين غير مسطورة في الكتب. وهذا توسيع عليهم في أنواع الحجة ليكون عجزهم عن الإتيان بشيء من ذلك أقطع لدعواهم. وفي قوله : (إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) إلهاب وإفحام لهم بأنهم غير آتين بحجة لا من جانب العقل ولا من جانب النقل المسطور أو المأثور ، وقد قال تعالى في سورة القصص [٥٠] (فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّما يَتَّبِعُونَ أَهْواءَهُمْ).
[٥ ، ٦] (وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُوا مِنْ دُونِ اللهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعائِهِمْ غافِلُونَ (٥) وَإِذا حُشِرَ النَّاسُ كانُوا لَهُمْ أَعْداءً وَكانُوا بِعِبادَتِهِمْ كافِرِينَ (٦))
اعتراض في أثناء تلقين الاحتجاج ، فلما أمر الله تعالى رسوله صلىاللهعليهوسلم بأن يحاجّهم بالدليل وجّه الخطاب إليه تعجيبا من حالهم وضلالهم لأن قوله : (وَإِذا حُشِرَ النَّاسُ كانُوا لَهُمْ أَعْداءً) إلخ لا يناسب إلا أن يكون من جانب الله.
و (مَنْ) استفهامية ، والاستفهام إنكار وتعجيب. والمعنى : لا أحد أشدّ ضلالا وأعجب حالا ممن يدعون من دون الله من لا يستجيب له دعاءه فهو أقصى حد من الضلالة. ووجه ذلك أنهم ضلوا عن دلائل الوحدانية وادّعوا لله شركاء بلا دليل واختاروا الشركاء من حجارة وهي أبعد الموجودات عن قبول صفات الخلق والتكوين والتصرف ثم يدعونها في نوائبهم وهم يشاهدون أنها لا تسمع ولا تبصر ولا تجيب ثم سمعوا آيات القرآن توضح لهم الذكرى بنقائص آلهتهم ، فلم يعتبروا بها وزعموا أنها سحر ظاهر فكان ضلالهم أقصى حد في الضلال.
و (مَنْ لا يَسْتَجِيبُ) الأصنام عبّر عن الأصنام باسم الموصول المختص بالعقلاء معاملة للجماد معاملة العقلاء إذ أسند إليها ما يسند إلى أولي العلم من الغفلة ، ولأنه شاع في كلام العرب إجراؤها مجرى العقلاء فكثرت في القرآن مجاراة استعمالهم في ذلك ، ومثل هذا جعل ضمائر جمع العقلاء في قوله : (وَهُمْ) وقوله : (غافِلُونَ) وهي عائدة إلى (مَنْ لا يَسْتَجِيبُ).
وجعل يوم القيامة غاية لانتفاء الاستجابة. كناية عن استغراق مدة بقاء الدنيا. وعبر عن نهاية الحياة الدنيا ب (يَوْمِ الْقِيامَةِ) لأن المواجه بالخبر هو الرسول صلىاللهعليهوسلم والمؤمنون كما