(مَأْواهُمُ) ملجأهم الذي يأوون إليه وقد أطلق المأوى على الجنة في ثلاث آيات ، وعلى النار في بضع عشرة آية. (بِما كانُوا يَكْسِبُونَ) من الشرك والمعاصي. (يَهْدِيهِمْ) يرشدهم. (بِإِيمانِهِمْ) بسبب إيمانهم ، إلى سلوك سبيل يؤدي إلى الجنة ، أو لإدراك الحقائق ، كما قال عليه الصلاة والسلام فيما أخرجه أبو نعيم عن أنس ، والظاهر أنه ضعيف : «من عمل بما علم ورّثه الله علم ما لم يعلم» أو لما يريدونه في الجنة ، بأن يجعل لهم نورا يهتدون به يوم القيامة.
(دَعْواهُمْ فِيها) طلبهم لما يشتهونه في الجنة ، والدعوى : الدعاء ، والدعاء للناس: النداء والطلب المعتاد بينهم ، والدعاء لله : سؤاله الخير والرغبة فيما عنده ، مع الشعور بالحاجة إليه. ودعاؤهم هنا أن يقولوا : (سُبْحانَكَ اللهُمَ) أي تنزيها لك وتقديسا يا الله ، فإذا ما طلبوه وجدوه عندهم. (وَتَحِيَّتُهُمْ) فيها بينهم ، والتحية : التكرمة ، بقولهم : حياك الله ، أي أطال عمرك. (سَلامٌ) السلامة من كل مكروه. (أَنِ الْحَمْدُ) أن مفسرة.
المناسبة :
بعد أن أقام الله تعالى الدلائل على إثبات الإله ووجوده ، وعلى إثبات البعث والجزاء على الأعمال يوم الحساب ، ذكر حال من كفر به وأعرض عن أدلة وجوده ووحدانيته ، وحال المؤمنين الذين عملوا الصالحات ، ثم أوضح جزاء كل من الفريقين.
التفسير والبيان :
إن الذين لا يتوقعون لقاء الله في الآخرة للحساب والجزاء على الأعمال ، لإنكارهم البعث ، ورضوا بالحياة الدنيا بدل الآخرة ؛ لغفلتهم عنها ، واطمأنوا بها وسكنوا إليها وإلى شهواتها ولذائذها وزخارفها ، وكانوا غافلين عن آيات الله الكونية والشرعية ، فلا يتفكرون في الأولى ، ولا يأتمرون بالثانية ، أولئك المذكورون من الفريقين مثواهم ومقامهم النار وملجؤهم الذي يلجأون إليه ، جزاء على ما كانوا يكسبون في دنياهم من الآثام والخطايا مع كفرهم بالله ورسوله واليوم الآخر. وهذا الجزاء توضيح للجزاء السابق المذكور في الآية [٤].
وعطف (وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آياتِنا غافِلُونَ) الذي يقتضي المغايرة إما لتغاير