عن العباد) لأمر الله ، فهو المختص بعلمه ، ولا يأتي بها إلا هو ، وإنما على التبليغ ، ولعله لا ينزلها ، لعدم الفائدة في إنزالها ، فقد نزلت آيات كثيرة ولم يؤمن بها المعاندون الجاحدون ، والمانع من إنزالها أمر مغيب لا يعلمه إلا هو (فَانْتَظِرُوا) نزول ما اقترحتموه ، أو العذاب إن لم تؤمنوا (إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ) لما يفعل الله بكم بجحودكم ما نزل عليه من الآيات العظام واقتراحكم غيره.
المناسبة :
بعد أن ذكر الله تعالى ثلاث شبهات للمشركين للطعن في نبوة محمد صلىاللهعليهوسلم (وهي عجبهم من نزول الوحي على محمد ، وتعجلهم العذاب إن كان صادقا ، وتشككهم في القرآن) ذكر هنا شبهة رابعة لإنكار نبوته ، وهي أن الكتاب لا يكون معجزا ، بدليل أن كتاب موسى وعيسى ما كان معجزة لهما ، بل كان لهما معجزات أخرى دلت على نبوتهما ، وكان في مشركي العرب من يدعي إمكان معارضة القرآن ، لقوله تعالى : (لَوْ نَشاءُ لَقُلْنا مِثْلَ هذا) [الأنفال ٨ / ٣١] وإنما لا بد لإثبات نبوته من نزول آية كونية حسية مادية غير هذا القرآن ، ليكون معجزة له.
هذا مع العلم بأن القرآن الكريم اشتمل على آيات علمية وعقلية دالة على النبوة والرسالة.
التفسير والبيان :
ويقول هؤلاء الكفرة المكذبون المعاندون قولا متكررا : هلا أنزل على محمد صلىاللهعليهوسلم آية كونية حسية مشاهدة كالتي نزلت على نوح وشعيب وهود وصالح وموسى وعيسى ، أو أن يحول الصفا لهم ذهبا ، أو يزيح ، عنهم جبال مكة ، ويجعل مكانها بساتين وأنهارا ، أو نحو ذلك مما الله عليه قادر.
وقد حكى القرآن عنهم في مواضع كثيرة هذا الطلب بإنزال معجزات مادية ، وأجاب عنه إما مجملا كما هنا ، وإما مفصلا ، كما في سورة الفرقان : (وَقالُوا