٤ ـ لا ريب ولا شك فيه ، لبيانه العلوم الكثيرة ، وعدم وجود التناقض فيه.
٥ ـ كونه من عند الله تعالى ، نزل به الروح الأمين على قلب محمد صلىاللهعليهوسلم ليكون من المنذرين.
ثم أنكر الله تعالى على المشركين الجاهلين القائلين بأن محمدا صلىاللهعليهوسلم قد افتراه ، وتحداهم أن يأتوا بمثله ، فقال : (أَمْ يَقُولُونَ : افْتَراهُ ..) أي بل أيقولون : اختلقه محمد؟! فمحمد بشر مثلكم ، وقد زعمتم أنه جاء بهذا القرآن ، فأتوا بسورة مثله ، أي من جنس هذا القرآن ، ولو بما يشابه أقصر سورة فيه في النظم والأسلوب ، والقوة والإحكام ، والبلاغة والدقة ، واستعينوا على ذلك بمن قدرتم عليه من إنس وجان ، ولن تستطيعوا فعل شيء ؛ فإن جميع الخلق عاجزون عن معارضته أو الإتيان بمثله : (قُلْ : لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ ، لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ ، وَلَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً) [الإسراء ١٧ / ٨٨].
فإن كنتم صادقين في ادعائكم أن القرآن من عند محمد ، فلتأتوا بنظير ما جاء به وحده ، ولتستعينوا بمن شئتم.
ولقد كان التحدي للإتيان بمثل القرآن على مراحل : أولها ـ ما ذكر في هذه الآية : (قُلْ : لَئِنِ اجْتَمَعَتِ) وهي أعلى المراتب. وثانيها ـ التنازل معهم إلى عشر سور منه ، فقال في أول سورة هود : (أَمْ يَقُولُونَ : افْتَراهُ ، قُلْ : فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَياتٍ ، وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللهِ ، إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) [١٣]. وثالثها ـ التنازل إلى سورة ، فقال هنا في هذه السورة المكية : (فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ) وكذا في سورة البقرة المدنية : (وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنا عَلى عَبْدِنا ، فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ) [٢٣].
ثم أثبت القرآن موقف هؤلاء المشركين منه فقال : (بَلْ كَذَّبُوا ..) أي بل