أما أدلة بطلان القول بنسبة الولد لله تعالى فهي كما ذكرت الآية الأولى خمسة :
١ ـ سبحانه : وهو تنزيه وتقديس الله تعالى عن الصاحبة والأولاد وعن الشركاء والأنداد ، وتعجب شديد من هذه الكلمة الحمقاء ؛ لأنه تعالى ليس محتاجا إلى غيره ، وإنما هو مصدر قضاء الحوائج.
٢ ـ هو الغني : الله هو الغني غنى مطلقا عن كل ما سواه ، وكل شيء فقير إليه.
وكل من كان غنيا امتنع أن يكون له أب وأم ، ومن تقدس عن الوالدين تقدس عن الأولاد. وامتنع أن ينفصل عنه جزء من أجزائه ، والولد عبارة عن انفصال جزء من أجزاء الإنسان. وامتنع أن يكون موصوفا بالشهوة واللذة ، فلا صاحبة له ولا ولد. وامتنع من اتخاذ الولد ، لعدم احتياجه إلى إعانته على المصالح الحاصلة والمتوقعة.
وكل من كان غنيا كان قديما أزليا باقيا سرمديا ، فلا يطرأ عليه الانقراض والانقضاء ، والولد إنما يحصل للشيء الذي ينقضي وينقرض.
وكل من كان غنيا مطلقا كان واجب الوجود لذاته ، فلو كان له ولد ، لكان ولده مساويا له ، أي يصبح واجب الوجود أيضا ، وإذا اتصف بهذه الصفة امتنع تولده من غيره ، وإذا لم يكن متولدا من غيره لم يكن ولدا.
فثبت أن كونه تعالى غنيا من أقوى الدلائل على أنه تعالى لا ولد له (١).
٣ ـ له ما في السموات والأرض ملكا وخلقا وعبيدا ، فكيف يكون له ولد مما خلق ، وكل شيء مملوك له ، عبد له؟!.
__________________
(١) تفسير الرازي : ١٧ / ١٣٢ وما بعدها.