«الأنبياء أولاد علّات» أي أننا أولاد من أمهات شتى والأب واحد ، وديننا وإيماننا واحد: وهو عبادة الله وحده لا شريك له ، وإن تنوعت شرائعنا.
فكذبوه ، أي فأصروا على تكذيبه ، فنجيناه هو ومن آمن معه في الفلك أي السفينة التي صنعها بأمرنا.
وجعلناهم خلائف ، أي وجعلنا الناجين مع نوح في السفينة خلائف أولئك الهالكين ، في عمارة الأرض وسكناها من بعدهم ، وأغرقنا بالطوفان الذين كذبوا نوحا ، فانظر أيها الرسول كيف أنجينا المؤمنين ، وأهلكنا المكذبين المنذرين ، الذين أنذرهم رسولهم بالعذاب قبل وقوعه ، فلم يرتدعوا ، وأصروا على تكذيبه ، وهذه عاقبة كل المصرّين على تكذيب الأنبياء ، وعاقبة المؤمنين.
فقه الحياة أو الأحكام :
١ ـ العبرة من قصة نوح : ذكر الله تعالى في هذه السورة قصة نوح عليهالسلام لفائدتين : الأولى ـ أن تصير تلك القصة عبرة لهؤلاء الكفار ، وهجر الجحود بالتوحيد والإيمان بالنبوة ؛ لأن الله عجل هلاك قوم نوح بالغرق لما أصروا على الكفر والجحود.
والثانية ـ أن الإنذار بالعذاب لا بد أن يتحقق ، فقد كان كفار مكة يستعجلون العذاب الذي يذكره الرسول صلىاللهعليهوسلم لهم ، ويقولون له : كذبت ، فإنه ما جاءنا هذا العذاب ، فذكر الله تعالى قصة نوح ليبين لهم أن ما أنذر به نوح قومه وقع في نهاية الأمر ، كما أخبر ، فكذلك يقع كل عذاب أنذركم به.
٢ ـ النظر في الموقف والمقارنة بينها : موقف نوح وموقف قومه ، فموقف نوح عليهالسلام كان موقف المؤمن الجريء الجسور الذي لا يخشى الصعاب ، ولا يعرف التردد ، ولا يهاب الموت في سبيل دعوته ، ويتحدى الجمع الغفير فيما