والصحابي في علم الحديث : كل مسلم رأى رسول الله صلىاللهعليهوسلم. والتابعي : من صحب الصحابي. قال أحمد بن حنبل : أفضل التابعين سعيد بن المسيّب ، فقيل له : فعلقمة والأسود؟ فقال : سعيد بن المسيب ، وعلقمة والأسود. وفي التابعين طبقة تسمى المخضرمين : وهم الذين أدركوا الجاهلية وحياة رسول الله صلىاللهعليهوسلم وأسلموا ولا صحبة لهم ، وعددهم كما ذكر مسلم عشرون نفسا ، منهم أبو عمرو الشيباني ، وسويد بن غفلة الكندي ، وعمرو بن ميمون الأودي. وممن لم يذكره مسلم : أبو مسلم الخولاني عبد الله بن ثوب ، والأحنف بن قيس.
لكن رجح الرازي : أن السبق ليس في زمن الإيمان أو الإسلام ؛ لأن لفظ السابق مجمل أو مطلق ، يمكن حمله على السبق في سائر الأمور ، لكن وصفهم بكونهم مهاجرين وأنصارا ، فوجب صرف ذلك اللفظ إلى ما به صاروا مهاجرين وأنصارا ، وهو الهجرة والنصرة ، فوجب أن يكون المراد منه : السابقون الأولون في الهجرة والنصرة ، إزالة للإجمال عن اللفظ (١).
٢ ـ الرضا الدائم عنهم ؛ لأن قوله تعالى : (رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ) يتناول جميع الأحوال والأوقات ، بدليل أنه لا وقت ولا حال إلا ويصح استثناؤه منه ، مثل وقت طلب الإمامة ، ولأن ذلك الحكم معلل بكونهم سابقين في الهجرة ، والسبق في الهجرة وصف دائم في جميع مدة وجوده ، ولأن إعداد الجنات لهم يقتضي بقاءهم على تلك الصفة التي لأجلها صاروا مستحقين لتلك الجنات.
وبعض العلماء أثبت هذا المدح لجميع الصحابة ؛ لأن كلمة (مِنَ) في قوله : (مِنَ الْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ) ليست للتبعيض ، بل للتبيين ، فأوجب الله لجميع أصحاب النبي صلىاللهعليهوسلم الجنة والرضوان. وشرط على التابعين شرطا هو أن
__________________
(١) تفسير الرازي : ١٦ / ١٦٨ ـ ١٦٩