(وَلا تَتَّبِعانِ) بالتّشديد ، أي أنه نهى بعد أمر. ومن قرأ بتخفيف النون ، كان في موضع نصب على الحال ، أي استقيما غير متبعين ، فتكون لا نافية ، لا ناهية.
البلاغة :
(رَبَّنَا اطْمِسْ) أمر أريد به الدّعاء بما علم من ممارسة أحوالهم أنه لا يكون غيره ، كقولك : لعن الله إبليس ، وتكرار (رَبَّنا لِيُضِلُّوا) للتّأكيد والتّنبيه على أن المقصود عرض ضلالاتهم وكفرانهم ، تقدمة لقوله تعالى : (رَبَّنَا اطْمِسْ).
(وَاشْدُدْ عَلى قُلُوبِهِمْ) استعارة لتغليظ العقاب ومضاعفته.
(فَلا يُؤْمِنُوا) جواب للدّعاء ، أو دعاء بلفظ النّهي ، أو عطف على : (لِيُضِلُّوا) وما بينهما دعاء معترض.
المفردات اللغوية :
(زِينَةً) ما يتزيّن به من الملابس والمراكب ونحوهما ، وأصل الزينة في اللغة : ما يتزين به من الحلي واللباس والأثاث والأموال والصحة ونحوها. (لِيُضِلُّوا) في عاقبته ، واللام لام العاقبة أي الصيرورة. (عَنْ سَبِيلِكَ) دينك. (اطْمِسْ) أي أهلكها وأزلها ، والطّمس : المحق وإزالة الأثر. (وَاشْدُدْ عَلى قُلُوبِهِمْ) أي وأقسها واطبع عليها واستوثق حتى لا يدخلها الإيمان. فقوله تعالى : (رَبَّنا لِيُضِلُّوا) ، وقوله تعالى : (رَبَّنَا اطْمِسْ عَلى أَمْوالِهِمْ وَاشْدُدْ) دعاء بلفظ الأمر. وقوله تعالى : (فَلا يُؤْمِنُوا) جواب للدّعاء أو دعاء بلفظ النّهي ، أو عطف على (لِيُضِلُّوا) وما بينهما دعاء معترض. (الْأَلِيمَ) المؤلم.
(قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُما) أي موسى وهارون ، روي أن موسى كان يدعو ، وهارون يؤمّن. (فَاسْتَقِيما) فاثبتا على ما أنتما عليه من الدّعوة وإلزام الحجة ، ولا تستعجلا ، فإن ما طلبتما كائن ، ولكن في وقته ، روي أنه مكث فيهم بعد الدعاء أربعين سنة. (سَبِيلَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ) طريق الجهلة في الاستعجال ، أو عدم الوثوق والاطمئنان بوعد الله تعالى.
المناسبة :
لما بالغ موسى في إظهار المعجزات القاهرة الدّالة على نبوّته ، ورأى القوم : فرعون وملأه مصرّين على الجحود والعناد والإنكار ، دعا عليهم بعد أن ذكر سبب