وفي هذا دليل على كمال قدرة الله تعالى وعلمه وإرادته.
(وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ ...) أي وإن أكثر الناس لغافلون عن حججنا وأدلتنا على أن العبادة لله وحده ، فلا يتعظون بها ولا يعتبرون بها ، لعدم تفكرهم في أسبابها ونتائجها. وفي الآية دلالة على ذم الغفلة وعدم التفكر في أسباب الحوادث وعواقبها.
وقد كان هلاكهم يوم عاشوراء من شهر المحرم ، كما أخرجه البخاري عن ابن عباس قال : قدم النبي صلىاللهعليهوسلم المدينة واليهود تصوم يوم عاشوراء ، فقال : «ما هذا اليوم الذي تصومونه؟» فقالوا : هذا يوم ظهر فيه موسى على فرعون ، فقال النبي صلىاللهعليهوسلم لأصحابه : «أنتم أحق بموسى منهم ، فصوموه».
ثم أخبر الله تعالى بالمناسبة عما أنعم به على بني إسرائيل من النعم الدينية والدنيوية فقال : (وَلَقَدْ بَوَّأْنا بَنِي إِسْرائِيلَ ...) أي ولقد أنزلنا بني إسرائيل منزلا صالحا مرضيا ، وهو منزلهم سابقا في مصر ، ولاحقا في فلسطين ، ورزقناهم من الطيبات أي اللذائذ المستطابة المباحة فيها ، وأنعمنا عليهم فيها بكثير من الخيرات من الثمار والغلال والأنعام وصيود البر والبحر.
لقد وعدهم الله على لسان إبراهيم وإسحاق ويعقوب أرض فلسطين في الماضي ، ولكن لما كفروا بالأنبياء ، وعلى التخصيص عيسى ومحمد عليهماالسلام ، نزعها الله منهم. فليس لهم أي حق ديني بعدئذ في الاستيطان بأرض فلسطين بعد بغيهم وعدوانهم وكفرهم برسالات الله تعالى.
وللعلماء في تحديد المراد ببني إسرائيل قولان : الأول ـ أنهم اليهود الذين كانوا في زمن موسى عليهالسلام ، وعلى هذا يكون مبوأ الصدق مصر والشام ، والطيبات منافع تلك البلاد ووراثة بني إسرائيل ما كان تحت أيدي قوم فرعون ، وأن التوراة هي العلم الذي أدى إلى الاختلاف بينهم .. والقول الثاني ـ هم اليهود