المناسبة :
هذه خاتمة عظيمة موجزة أجملت ما في السورة من مبدأ اتباع شريعة الله ووحيه إلى نبيه ، فبعد أن قرر سبحانه وتعالى دلائل التوحيد والنبوة والمعاد ، وزيّن آخر هذه السورة بالبيان الدال على استقلاله تعالى بالخلق ، والإبداع ، ختمها بهذه الخاتمة الشريفة العالية ، وهي إكمال الشريعة أو دين الحق ، وأزال علة التنكر لها ، وأوجب اتباعها ، وأوضح للناس كافة طريق الرؤية الصحيحة : (فَمَنِ اهْتَدى فَإِنَّما يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ ، وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّما يَضِلُّ عَلَيْها ، وَما أَنَا عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ).
التفسير والبيان :
قل أيها الرسول للناس قاطبة ، من حضر ومن ستبلغه هذه الدعوة : قد جاء الحق المبين من ربكم ، يبين حقيقة هذا الدين ، وكمال هذه الشريعة ، على لسان رجل منكم.
فالله تعالى يأمر رسوله صلىاللهعليهوسلم أن يخبر الناس أن الذي جاءهم به من عند الله تعالى هو الحق الذي لا شك فيه.
فمن اهتدى به ، وصدق القرآن ورسول الله ، واتبعه ، فإنما يهتدي لنفسه ، أي يعود نفعه وثواب اهتدائه واتباعه على نفسه ، ومن ضل عنه وحاد عن منهجه ، فإنما يضل على نفسه ، أي يرجع وبال ذلك عليه.
(وَما أَنَا عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ) أي وما أنا بموكّل بكم من عند الله بأموركم حتى أجعلكم مؤمنين وأكرهكم على الإيمان ، وإنما أنا نذير منذر لكم عذاب الله لمن أعرض وكذب ، وبشير مبشر من اهتدى ، والهداية على الله تعالى.
(وَاتَّبِعْ ما يُوحى إِلَيْكَ ..) أي اتبع يا محمد ما أنزل الله عليك وأوحاه إليك ، وتمسك به أشد التمسك ، واصبر على دعوتك وأذى قومك ومخالفة من