على جميع الناس ، غير مخصوص بها قوم دون قوم ، وإذا ثبت ذلك كانت هي الزكاة المفروضة ؛ إذ ليس في أموال سائر الناس حق سوى الصدقات المفروضة.
وقوله : (تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِها) لا دلالة فيه على أنها صدقة مكفرة للذنوب غير الزكاة المفروضة ؛ لأن الزكاة المفروضة أيضا تطهر وتزكي مؤديها ، وسائر الناس في المكلفين محتاجون إلى ما يطهرهم ويزكيهم (١).
التفسير والبيان :
خذ أيها الرسول وكل حاكم مسلم بعدك من أموال هؤلاء التائبين ومن غيرهم صدقة مقدرة بمقدار معين ، تطهرهم بها من داء البخل والطمع ، وتزكي أنفسهم بها ، وتنمي بها حسناتهم ، وترفعهم إلى منازل المخلصين. والتزكية : مبالغة في التطهير وزيادة فيه ، أو بمعنى الإنماء والبركة في المال ، أي أنه تعالى يجعل النقصان الحاصل بسبب إخراج قدر الزكاة سببا للإنماء ، وفي الحديث الذي رواه أحمد ومسلم والترمذي عن أبي هريرة : «ما نقصت صدقة من مال».
(وَصَلِّ عَلَيْهِمْ) أي ادع لهم واستغفر وترحم ، فإن دعاءك واستغفارك سكن لهم يسكنون إليه وتطمئن قلوبهم بأن الله قد تاب عليهم. والصلاة من الله على عباده : الرحمة ، ومن ملائكته : الاستغفار ، ومن النبي والمؤمنين : الدعاء.
(وَاللهُ سَمِيعٌ) يسمع اعترافهم بذنوبهم ودعاءهم ، وسميع لدعائك سماع قبول وإجابة ، عليم بما في ضمائرهم وبإخلاصهم في توبتهم وصدقاتهم وبما فيه الخير والمصلحة لهم.
فالصدقة مطهرة للنفس ، مرضاة للرب ، وحصن للمال.
ألم يعلم أولئك التائبون وجميع المؤمنين أن الله هو الذي يقبل توبة عباده ،
__________________
(١) أحكام القران للجصاص : ٣ / ١٤٨