وهؤلاء المؤمنون المذكورون الباذلون أنفسهم وأموالهم في سبيل الله هم التائبون عن الكفر حقيقة ، الراجعون إلى الله ، بتركهم كل ما ينافي مرضاته ، والتوبة تختلف باختلاف نوع المعصية ، فالتوبة عن الكفر بالرجوع عنه ، وتوبة المنافق بترك نفاقه ، وتوبة العاصي : بالندم على ما حصل منه والعزم على عدم العود لمثله في المستقبل ، وتوبة المقصر في شيء : بالتعويض عن تقصيره ، وتوبة الغافل عن ربه : بالإكثار من ذكره وشكره.
وهم العابدون : الذين عبدوا الله مخلصين له الدين ، الحامدون لنعمائه ، أو لما نالهم من السّراء والضراء ، قالت عائشة رضياللهعنها : كان النبي صلىاللهعليهوسلم إذا أتاه الأمر يسّره قال : «الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات» وإذا أتاه الأمر يكرهه قال : «الحمد لله على كل حال».
السائحون في الأرض للجهاد أو لطلب العلم أو للرزق الحلال ، أو الصائمون ، لقولهصلىاللهعليهوسلم فيما رواه الحاكم عن أبي هريرة : «السائحون هم الصائمون»لأنه يعوق عن الشهوات واللذات ، كما أن السياحة كذلك غالبا ، أو لأنه رياضة نفسانية يتوصل بها إلى الاطلاع على خفايا الملك والملكوت.
الراكعون الساجدون أي المؤدون صلواتهم المفروضة ، وخص الركوع والسجود بالذكر لشرفهما ولما فيهما من الدلالة على التذلل والتواضع لله تعالى.
الآمرون بالمعروف أي الداعون إلى الإيمان والطاعة ، والناهون عن المنكر أي عن الشرك والمعاصي. والعاطف الواو هنا للدلالة على أنهما في حكم خصلة واحدة ، كأنه قال : الجامعون بين الوصفين.
والحافظون لحدود الله أي الحافظون لفرائض الله وشرائعه وأحكامه ، وهذا مجمل الفضائل ، وما قبله مفصل لها ، فمن اتصف بتلك الصفات كان حافظا حدود الله. وذكرت الواو هنا لقربه من المعطوف عليه وهو : (وَالنَّاهُونَ عَنِ