رسول الله صلىاللهعليهوسلم يوما إلى المقابر ، فجلس إلى قبر منها ، فناجاه طويلا ، ثم بكى فبكيت لبكائه ، فقال : إن القبر الذي جلست عنده قبر أمي ، وإني استأذنت ربي في الدعاء لها ، فلم يأذن لي ، فأنزل الله : (ما كانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ).
وأخرج أحمد وابن مردويه ، واللفظ له ، من حديث بريدة قال : كنت مع النبيصلىاللهعليهوسلم ، إذ وقف على عسفان ، فأبصر قبر أمه ، فتوضأ وصلى وبكى ، ثم قال : استأذنت ربي أن أستغفر لها ، فنهيت ، فأنزل الله : (ما كانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ).
وأخرج أحمد ومسلم وأبو داود عن أبي هريرة قال : «أتى رسول الله صلىاللهعليهوسلم قبر أمه ، فبكى وأبكى من حوله ، ثم قال : استأذنت ربي أن أستغفر لها فلم يأذن لي ، واستأذنت أن أزور قبرها ، فأذن لي ، فزوروا القبور ، فإنها تذكّركم الموت».
دلت الروايات على أن سبب النزول أبو طالب أو أم النبي ، أو رجل مسلم يستغفر لأبويه.
قال الحافظ ابن حجر : يحتمل أن يكون لنزول الآية أسباب : متقدم ، وهو أمر أبي طالب ، ومتأخر ، وهو أمر آمنة ، وقصة علي وجميع غيره بتعدد النزول.
المناسبة :
كان موضوع سورة التوبة من أولها إلى هنا إعلان البراءة من الكفار والمنافقين في جميع الأحوال ، ثم بيّن هنا أنه تجب البراءة أيضا من أمواتهم ، وإن كانوا أقرب الناس إلى الإنسان كالأب والأم ، كما وجبت البراءة من أحيائهم. والمقصود بيان وجوب مقاطعتهم في الحالات كلها.