بالإجماع طلب إسقاطه ومغفرته ؛ لقوله تعالى : (إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ ، وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ) [النساء ٤ / ٤٨].
٦ ـ إسكان إبراهيم زوجه وابنه إسماعيل عند البيت الحرام كان لإقامة الصلاة.
وقد روى البخاري عن ابن عباس ما مفاده أن إبراهيم ترك هاجر وابنها إسماعيل وهي ترضعه ، عند البيت ، عند دوحة فوق زمزم ، في أعلى المسجد ، وليس بمكة يومئذ أحد ، وليس بها ماء ، ووضع عندهما جرابا ، وسقاء فيه ماء ، ثم قفّى إبراهيم منطلقا ، فتبعته أم إسماعيل ؛ فقالت : يا إبراهيم! أين تذهب وتتركنا بهذا الوادي الذي ليس فيه إنس ولا شيء ، فقالت له ذلك مرارا ، وجعل لا يلتفت إليها ، فقالت له : آلله أمرك بهذا؟ قال : نعم ، قالت : إذن لا يضيّعنا ؛ ثم رجعت ، فانطلق إبراهيم ، حتى إذا كان عند الثّنية حيث لا يرونه ، استقبل بوجهه البيت ، ثم دعا بهذه الدعوات ، ورفع يديه فقال : (رَبَّنا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ) حتى بلغ (يَشْكُرُونَ).
وبعد أن نفد ما في السقاء ، عطشت وعطش ابنها ، فجعلت تسعى سعي المجهود بين الصفا والمروة ، سبع مرات ، قال النبي صلىاللهعليهوسلم : «فذلك سعي الناس بينهما» ثم سمعت وهي على المروة صوتا ، فإذا هي بالملك عند موضع زمزم ، فبحث بعقبه أو بجناحه ، حتى ظهر الماء. روى الدار قطني عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «ماء زمزم لما شرب له ، إن شربته تشتفي به شفاك الله ، وإن شربته لشبعك أشبعك الله به ، وإن شربته لقطع ظمئك قطعه ، وهي هزمة (١) جبريل ، وسقيا الله إسماعيل».
__________________
(١) هزمة جبريل : أي ضربها برجله فنبع الماء.