وروى الإمام أحمد والشيخان عن أبي هريرة عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «مثلي ومثلكم كمثل رجل استوقد نارا ، فلما أضاءت ما حوله ، جعل الفراش وهذه الدواب التي يقعن في النار ، يقعن فيها ، وجعل يحجزهن ويغلبنه ، فيقتحمن فيها ، فذلك مثلي ومثلكم أنا آخذ بحجزكم عن النار ، هلّم عن النار ، فتغلبوني ، فتقتحمون فيها» وهذا مثل ناري أبان فيه النبيصلىاللهعليهوسلم حرصه على إبعاد أمته من النار ، وتساقط بعضهم فيها كتساقط الفراش ، وهو كالمثل الذي ضربه الله للمنافقين.
ثم أبان الله تعالى مستأنفا الكلام مصير أهل الحق وأهل الباطل ، ومآل السعداء والأشقياء ، ترغيبا وترهيبا ، فقال : (لِلَّذِينَ اسْتَجابُوا ..) أي الجنة للذين أطاعوا الله ورسوله ، وانقادوا لأوامره ، وصدقوا أخباره الماضية والآتية ، فلهم الجزاء الحسن ونعيم الجنة والثواب العظيم ، كما قال تعالى : (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَزِيادَةٌ) [يونس ١٠ / ٢٦] وقال : (وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً ، فَلَهُ جَزاءً الْحُسْنى ، وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنا يُسْراً) [الكهف ١٨ / ٨٨].
(وَالَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُوا ..) أي والذين لم يطيعوا الله ورسوله ، لا ينفعهم في الآخرة الفداء بجميع ما في الدنيا وضعف ما فيها ، أي لا يمكنهم في الدار الآخرة أن يفتدوا من عذاب الله بملء الأرض ذهبا ، ومثله معه. ولو كان لهم ذلك لافتدوا به ، ولكن لا يتقبل الله منهم ؛ لأنه تعالى لا يقبل منهم يوم القيامة صرفا ولا عدلا ، أي فداء وتوبة.
أولئك الذين لم يطيعوا الله لهم سوء العذاب في الدار الآخرة ، ويناقشون على كل ما قدموه ، لا يغفر منه شيء ، ومن نوقش الحساب عذب ، ومرجعهم إلى النار وبئس المستقر مستقرهم. وفي هذا تهويل شديد ، وتخويف عظيم ، لغفلتهم من اتباع أوامر ربهم ، وتقربهم إليه ، وانغماسهم في شهواتهم.