(ما) لا تدخل على مضارع إلا وهو في معنى الحال ، ولا على ماض إلا وهو قريب من الحال.
ثم أخبر أنه سلك التكذيب في قلوب المجرمين الذين عاندوا ، واستكبروا عن اتباع الهدى ، فإن مثل ذلك التكذيب والكفر الذي أدخل في قلوب المجرمين السابقين ، ندخله في قلوب المجرمين الجدد ، فضمير (نَسْلُكُهُ) عائد إلى الشرك. ويصح عوده إلى الذكر (القرآن) أي مثل ذلك الإدخال ندخل القرآن ونلقيه في قلوبهم مكذبا مستهزءا به غير مقبول ، حالة كونهم غير مؤمنين به أبدا.
(وَقَدْ خَلَتْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ) أي مضت السنة المتبعة في الماضين ، وهو أنه تعالى يهلك ويدمر كل من كذّب رسله ، ويعلم بهم ، وينجي الله الأنبياء وأتباعهم في الدنيا والآخرة ، فلك يا محمد أسوة بالرسل قبلك مع أممهم المكذبة. وبعبارة أخرى : سنفعل بالمجرمين اللاحقين كما فعلنا بالسابقين ، وسننصر الرسل والمؤمنين.
ثم يخبر الله تعالى عن شدة عنادهم وتمكن كفرهم في نفوسهم ومكابرتهم للحق ، فقال : (وَلَوْ فَتَحْنا عَلَيْهِمْ باباً ..) أي لو فتحنا على هؤلاء المعاندين بابا من السماء ، فجعلوا يصعدون فيه أو تصعد فيه الملائكة ، لما صدقوا بذلك ، بل قالوا : إنما منعت وسدت أبصارنا من الإبصار ، وقد شبّه علينا ، واختلطت الأمور في أذهاننا ، وأصبحنا لا نرى إلا أخيلة ، كالقوم المسحورين سحرنا محمد بآياته ، نحو قوله تعالى : (وَلَوْ نَزَّلْنا عَلَيْكَ كِتاباً فِي قِرْطاسٍ ، فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ ، لَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا : إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ) [الأنعام ٦ / ٧].
والمعنى : بلغ من عناد المشركين أنهم لو صعدوا في السماء حقيقة ، ورأوا من العيان ما رأوا ، لقالوا : هذه أوهام وأخيلة ، وقد سحرنا محمد ، كما يفعل عالم السيمياء ، أو المنوم المغناطيسي. وفي الآية دليل على وجود الظلام في الفضاء الخارجي.