ثم نبّه الله تعالى أن العهود ابتلاء واختبار ، وأن الله تعالى سيبيّن الحقائق يوم القيامة في الاختلاف من البعث وغيره.
ثم ذكر تعالى أنه قادر على جعل الناس على ملّة واحدة هي ملّة الإيمان ، والاجتماع على الوفاء بالعهود.
ولكنه تعالى يوفق بهدايته من يشاء فضلا منه عليهم ، ويضلّ من يشاء بخذلانه إياهم لاختيارهم سبيل الضّلال ، عدلا منه فيهم ، وسيسأل الجميع عن أفعالهم.
ثم بالغ تعالى في النّهي عن عقد الأيمان والعهود المنطوية على الخديعة والفساد ، فتزلّ قدم بعد ثبوتها ، أي عن الإيمان بعد المعرفة بالله ، وهذا استعارة لمستقيم الحال ، الذي لا يوفي بالعهد ، فيقع في شرّ عظيم.
ثمّ توعّد تعالى المخادعين في الأيمان والعهود بعذاب في الدّنيا ، وعذاب عظيم في الآخرة. وهذا الوعيد الشديد فيمن نقض عهد رسول الله صلىاللهعليهوسلم ؛ فإن من عاهده ، ثمّ نقض عهده ، خرج عن الإيمان ، وذاق السّوء في الدّنيا : وهو ما يحلّ بهم من المكروه.
ثم حذّر الله تعالى من المتاجرة بالأيمان والعهود ، فنهى عن الرّشاوى وأخذ الأموال على نقض العهد ، فقال تعالى : (وَلا تَشْتَرُوا بِعَهْدِ اللهِ ثَمَناً قَلِيلاً) أي لا تنقضوا عهودكم لعرض قليل من الدّنيا ، وإنما كان قليلا وإن كثر ؛ لأنه مما يزول ، فهو إذن قليل.
ثم بيّن تعالى الفرق بين حال الدّنيا وحال الآخرة ، بأن كلّ ما في الدّنيا ينفد ويتحوّل ، وما في الآخرة وما عند الله من مواهب فضله ونعيم جنته لا يزول ، لمن وفّى بالعهد ، وثبت على العقد.