من الرضاعة) وأبا جندل بن سهيل ، وسلمة بن هشام ، وعبد الله بن سلمة الثقفي ، فتنهم المشركون ، وعذبوهم ، فأعطوهم بعض ما أرادوا ليسلموا من شرهم ، ثم إنهم بعد ذلك هاجروا ، وجاهدوا ، فنزلت فيهم هذه الآية.
المناسبة :
بعد أن عظّم الله تعالى تهديد الكافرين الذين تقولوا الأقاويل على النبي صلىاللهعليهوسلم ، فوصفوه بأنه مفتر ، وأن ما جاء به هو من كلام البشر لا من عند الله ، أردف ذلك ببيان من يكفر بلسانه لا بقلبه بسبب الخوف والإكراه ، ومن يكفر بلسانه وقلبه معا. ثم ذكر بعده حال من هاجر بعد ما فتن ، وهم المستضعفون في مكة.
التفسير والبيان :
من كفر بوجود الله وتوحيده بعد الإيمان والتبصر ، وشرح صدره بالكفر واطمأن به ، فعليه غضب من الله ولعنته ، وله عذاب شديد في الآخرة ، لعلمه بالإيمان ، ثم عدوله عنه ، ولأنه استحب الحياة الدنيا على الآخرة ، فأقدم على الردة ، ولم يهد الله قلبه ، ولم يثبته على الدين الحق ، فطبع على قلبه ، فهو من الغافلين عما يراد ، ومن الذين لا يعقلون شيئا ينفعهم ، وقد ختم على سمعه وبصره ، فهو لا ينتفع بها ، ولا أغنت عنه شيئا.
ثم استثنى الله تعالى ممن كفر بلسانه ووافق المشركين بلفظه من أكره فقال : (إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ) أي إلا إذا أكره بسبب الضرب والأذى ، وقلبه يأبى ما ينطق به في الظاهر ، وهو مطمئن بالإيمان بالله ورسوله بعد الانزعاج الحاصل بسبب الإكراه ، كما فعل عمار بن ياسر حينما عذبه مشركو مكة. وأصل الاطمئنان : سكون بعد انزعاج ، والمراد هنا السكون والثبات على الإيمان ، ومعنى قوله : (وَلكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً ..) أي فتحه ووسعه لقبول الكفر.