(وَلَوْ لا أَنْ ثَبَّتْناكَ) ولولا تثبيتنا إياك على الحق بالعصمة. (لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً) لقاربت أن تميل إلى اتباع مرادهم اتباعا قليلا ، لشدة احتيالهم وإلحاحهم ، ولكن أدركتك عصمتنا ، فمنعت أن تقرب من الركون ، فضلا عن أن تركن إليهم. وهو صريح في أنه صلىاللهعليهوآلهوسلم لم يركن إليهم ولا قارب ولا همّ بإجابتهم ، مع قوة الداعي إليها ، وهو دليل أيضا على أن العصمة بتوفيق الله وحفظه.
(إِذاً لَأَذَقْناكَ) أي لو قاربت لأذقناك. (ضِعْفَ الْحَياةِ وَضِعْفَ الْمَماتِ) أي ضعف عذاب الدنيا وضعف عذاب الآخرة ، أي مثلي ما يعذب غيرك في الدنيا والآخرة. (نَصِيراً) مانعا منه ، يدفع العذاب عنك.
(لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ) ليزعجونك ويثيرونك بمعاداتهم ومكرهم لإخراجك من أرض مكة ، وقال السيوطي : أرض المدينة. قال قتادة : همّ أهل مكة بإخراج النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم من مكة ، ولو فعلوا ذلك ، ما أمهلوا ، ولكن الله تعالى منعهم من الخروج ، حتى أمره بالخروج (١). (وَإِذاً) لو أخرجوك. (لا يَلْبَثُونَ خِلافَكَ) لا يمكثون أو لا يبقون فيها بعدك أي بعد خروجك. (إِلَّا قَلِيلاً) إلا زمانا قليلا ، ثم يهلكون.
(سُنَّةَ مَنْ قَدْ أَرْسَلْنا قَبْلَكَ مِنْ رُسُلِنا) أي سنتنا بك سنة الرسل قبلك ، أي كسنتنا فيهم من إهلاك من أخرجهم. (تَحْوِيلاً) أي تبديلا وتغييرا.
سبب النزول :
نزول الآية (٧٣):
(وَإِنْ كادُوا لَيَفْتِنُونَكَ) أخرج ابن مردويه وابن أبي حاتم وابن إسحاق وغيرهم عن ابن عباس قال : خرج أمية بن خلف ، وأبو جهل بن هشام ، ورجال من قريش ، فأتوا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فقالوا : يا محمد ، تعال تمسّح بآلهتنا ، وندخل معك في دينك ، وكان يحب إسلام قومه ، فرقّ لهم ، فأنزل الله : (وَإِنْ كادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ) إلى قوله: (نَصِيراً).
وأخرج أبو الشيخ ابن حيان الأنصاري عن سعيد بن جبير قال : كان
__________________
(١) تفسير الرازي : ٢١ / ٢٣.