المناسبة :
لما عدّد الله تعالى نعمه على بني آدم ، وذكر حالهم في الآخرة من إيتاء الكتاب باليمين لأهل السعادة ، ومن عمى أهل الشقاوة ، أتبع ذلك بما يهمّ به الأشقياء في الدنيا من المكر والخداع والتلبيس على النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم سيد أهل السعادة ، المقطوع له بالعصمة.
وسبب هذه المساومات والخديعات : رجاؤهم أن يفتري على الله غير ما أوحى الله إليه من تبديل الوعد وعيدا ، وبالعكس ، وما اقترحته ثقيف من أن يضيف إلى الله ما لم ينزل عليه.
التفسير والبيان :
المعنى وإن همّ المشركون وقاربوا بمكائدهم وخداعهم أن يصرفوك عما أوحينا إليك من الشرائع والأحكام من أوامر ونواه ووعد ووعيد ، لتفتري علينا غير الذي أوحيناه إليك ، وتتقول علينا ما لم نقل ، وتخترع غيره وتبدل فيه كما أرادوا من تبديل الوعد وعيدا ، والوعيد وعدا ، وما اقترحته ثقيف من أن تضيف إلى الله ما لم ينزل عليك.
(وَإِذاً لَاتَّخَذُوكَ خَلِيلاً) أي وحينئذ لو اتبعت ما يريدون ، وفعلت ما يطلبون لاتخذوك صديقا لهم ، وأظهروا للناس أنك موافق لهم على ما هم عليه من الشرك ، ولكنت لهم وليا مناصرا ، وخرجت من ولايتي.
(وَلَوْ لا أَنْ ثَبَّتْناكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً) أي ولو لا تثبيتنا لك على الحق وعصمتنا إياك ، لقاربت أن تميل إلى خداعهم ومكرهم ، ميلا وركونا قليلا.
وهذا تهييج من الله لنبيه ، وبيان فضل تثبيته له ، ولطف بالمؤمنين ، أي أنه ربما هادنتهم ، لا لضعف إيمانك ، بل لشدة مبالغتهم في المكر والحيلة