والخداع ، ولكن عنايتنا منعتك من الركون إليهم. وهو تصريح بأن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لم يصدر منه همّ بمجاملتهم ومجازاتهم ، بل ولم يقترب من ذلك.
وهو دليل على تأييد الله لرسوله وتثبيته وعصمته وتسليمه من مكائد الكفار ، وأنه تعالى هو المتولي أمره وحافظه وناصره ، وأنه لا يكله إلى أحد من خلقه ، ومظهر دينه على من عاداه وخالفه.
قال قتادة : لما نزلت هذه الآية قال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : «اللهم لا تكلني إلى نفسي طرفة عين».
وإمعانا في العصمة والصون توعده الله على ما قد يكون على سبيل الاحتمال والافتراض ، وإن لم يحصل فقال :
(إِذاً لَأَذَقْناكَ ضِعْفَ الْحَياةِ وَضِعْفَ الْمَماتِ) أي لو فعلت ذلك لعاقبناك بعقوبة مضاعفة في الدنيا والآخرة ويكون المراد بالآية ضعف عذاب الحياة وضعف عذاب الممات أي عذاب الدنيا وعذاب الآخرة ؛ لأن ذنب القائد أو العظيم يستحق عقابا أشد وأعظم ، لذا يعاقب العالم القدوة أشد من عقوبة العامي التابع له ، قال صلىاللهعليهوآلهوسلم فيما أخرجه مالك وأحمد ومسلم وأصحاب السنن إلا أبا داود عن أبي جحيفة وواثلة بن الأسقع : «من سنّ سنة سيئة ، فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة». والضعف : أن يضم إلى الشيء مثله.
وهذا وارد أيضا في عقوبة نساء النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في قوله تعالى : (يا نِساءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضاعَفْ لَهَا الْعَذابُ ضِعْفَيْنِ) [الأحزاب ٣٣ / ٣٠].
ومن مكائد أهل مكة محاولة إخراج النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم من مكة ، كما قال تعالى :
(وَإِنْ كادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْها) أي ولقد قارب أهل مكة أيضا أن يزعجوك بعداوتهم ومكرهم ، ويخرجوك من أرضهم التي أنت فيها أي أرض مكة.