وجاء في الصحيحين عن أبي هريرة رضياللهعنه أيضا عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : «يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار ، ويجتمعون في صلاة الصبح ، وفي صلاة العصر ، فيعرج الذين باتوا فيكم ، فيسألهم ربهم ـ وهو أعلم بهم ـ كيف تركتم عبادي؟ فيقولون : أتيناهم وهم يصلون ، وتركناهم وهم يصلون».
وقال عبد الله بن مسعود : يجتمع الحرسان في صلاة الفجر ، فيصعد هؤلاء ويقيم هؤلاء.
وقد يكون المراد بقوله (مَشْهُوداً) الترغيب في أن تؤدى هذه الصلاة بجماعة ، والمعنى كونها مشهودة بالجماعة الكثيرة ، أو شهود كمال قدرة الله تعالى ، من اختلاط الظلمة بالضوء ، والظلمة مناسبة للموت والعدم ، والضوء مناسب للحياة والوجود ، وينتقل العالم من الظلمة إلى الضوء ، ومن الموت بالمنام إلى الحياة ، ومن السكون إلى الحركة ، ومن العدم إلى الوجود (١).
(وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نافِلَةً لَكَ) هذا فرض آخر خاص بالنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وهو صلاة التهجد ، والمعنى : قم للصلاة في جزء من الليل وهو أول أمر للنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بقيام الليل ، زيادة على الصلوات المفروضة (المكتوبة). روى مسلم عن أبي هريرة أن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم سئل : أي الصلاة أفضل بعد المكتوبة؟ قال : «صلاة الليل» ولهذا أمر الله تعالى رسوله بعد المكتوبات بقيام الليل ، فإن التهجد : ما كان بعد نوم. وثبت عن جماعة من الصحابة أن النبيصلىاللهعليهوآلهوسلم كان يتهجد بعد نومه.
وقوله (نافِلَةً لَكَ) أي عبادة زائدة لك على الصلوات الخمس ، مخصوصة بك دون الأمة ، وهي فريضة عليك خاصة ، دون غيرك ، وأما أمتك فهي لهم مندوبة أو تطوع لهم. وهذا هو الراجح. وقيل : المراد أن قيام الليل في
__________________
(١) تفسير الرازي : ٢١ / ٢٨