ونظير الآية : (قُلْ : هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدىً وَشِفاءٌ ، وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ فِي آذانِهِمْ وَقْرٌ ، وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى ، أُولئِكَ يُنادَوْنَ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ) [فصلت ٤١ / ٤٤] وأيضا قوله سبحانه : (فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزادَتْهُمْ إِيماناً وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ. وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ ، فَزادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ ، وَماتُوا وَهُمْ كافِرُونَ) [التوبة ٩ / ١٢٤ ـ ١٢٥].
قال قتادة : إذا سمعه المؤمن انتفع به وحفظه ووعاه (وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَساراً) أي لا ينتفع به ولا يحفظه ولا يعيه ، فإن الله جعل هذا القرآن شفاء ورحمة للمؤمنين.
ثم يخبر الله تعالى عن نقص الإنسان من حيث هو ، إلا من عصمه الله فقال : (وَإِذا أَنْعَمْنا عَلَى الْإِنْسانِ أَعْرَضَ وَنَأى بِجانِبِهِ) أي وإذا أمددنا الإنسان بنعمة من مال وعافية ورزق ونصر ونال ما يريد ، أعرض عن طاعة الله وعبادته ، ونأى بجانبه ، وهذا تأكيد للإعراض ؛ لأن الإعراض : التولي بالوجه ، والنأي بالجانب : لوي الجانب وتولية الظهر ، والمراد بذلك الاستكبار والتباعد ؛ لأن ذلك عادة المتكبرين.
(وَإِذا مَسَّهُ الشَّرُّ كانَ يَؤُساً) أي وإذا أصابه الشر وهو المصائب والحوادث ، كان يئوسا قنوطا من رحمة الله ومن الخير بعدئذ. والآية مثل قوله تعالى : (وَإِذا مَسَّ الْإِنْسانَ الضُّرُّ دَعانا لِجَنْبِهِ أَوْ قاعِداً أَوْ قائِماً ، فَلَمَّا كَشَفْنا عَنْهُ ضُرَّهُ ، مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنا إِلى ضُرٍّ مَسَّهُ ، كَذلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ) [يونس ١٠ / ١٢]. وقوله سبحانه : (وَلَئِنْ أَذَقْنَا الْإِنْسانَ مِنَّا رَحْمَةً ، ثُمَّ نَزَعْناها مِنْهُ ، إِنَّهُ لَيَؤُسٌ كَفُورٌ. وَلَئِنْ أَذَقْناهُ نَعْماءَ بَعْدَ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ ، لَيَقُولَنَّ : ذَهَبَ السَّيِّئاتُ عَنِّي ، إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ) [هود ١١ / ٩ ـ ١٠].
(قُلْ : كُلٌّ يَعْمَلُ عَلى شاكِلَتِهِ) قل يا محمد : كل أحد يعمل على مذهبه وطريقته التي تشاكل وتشبه حاله من الهدى والضلالة.