المفردات اللغوية :
(وَلَئِنْ شِئْنا لَنَذْهَبَنَ) أي إن شئنا ذهبنا بالقرآن ومحوناه من المصاحف والصدور (وَكِيلاً) يتوكل ويلتزم استرداده محفوظا مسطورا ، بعد الذهاب به (إِلَّا رَحْمَةً) استثناء متصل ، أي إلا إن نالتك رحمة الله ، فلعلها تسترده عليك ، ويجوز أن يكون استثناء منقطعا بمعنى : لكن رحمة من ربك أبقيناه ، فيكون ذلك امتنانا بإبقائه بعد المنة في تنزيله (إِنَّ فَضْلَهُ كانَ عَلَيْكَ كَبِيراً) عظيما ، بإبقائه في حفظه ، كإرساله وإنزاله ، وكذلك بإعطائك المقام المحمود ، وغير ذلك من الفضائل.
(عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ) في الفصاحة والبلاغة ، وحسن النظم ، وكمال المعنى (لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ) وفيهم العرب العرباء ، وأرباب البيان ، وأهل النثر والنظم. وهو جواب قسم محذوف ، دل عليه اللام الموطئة للقسم. (ظَهِيراً) معينا في تحقيق المراد. وهو رد لقولهم : (لَوْ نَشاءُ لَقُلْنا مِثْلَ هذا) [الأنفال ٨ / ٣١].
(صَرَّفْنا) بينا ، وكررنا ورددنا بوجوه مختلفة ، زيادة في التقرير والبيان. (مِنْ كُلِّ مَثَلٍ) من كل معنى هو كالمثل في غرابته ووقوعه موقعا في الأنفس أو هو صفة لمحذوف أي مثلا من جنس كل مثل ، ليتعظوا (أَكْثَرُ النَّاسِ) أهل مكة وغيرهم (إِلَّا كُفُوراً) جحودا للحق.
سبب النزول : نزول الآية (٨٨):
(قُلْ : لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ ..) الآية : أخرج ابن إسحاق وابن جرير عن ابن عباس قال : أتى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم سلام بن مشكم في عامة من يهود سماهم ، فقالوا : كيف نتّبعك وقد تركت قبلتنا؟ وإن هذا الذي جئت به ، لا نراه متناسقا ، كما تناسق التوراة ، فأنزل علينا كتابا نعرفه ، وإلا جئناك بمثل ما تأتي به ، فأنزل الله : (قُلْ : لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ ، لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ) الآية.
المناسبة :
بعد أن امتن الله تعالى على نبيه صلىاللهعليهوآلهوسلم بالنبوة وبإنزال وحيه عليه ، وبتنزيل القرآن شفاء للناس ، امتن عليه أيضا ببقاء القرآن محفوظا ، رحمة بالناس ، وذكّر