صلىاللهعليهوآلهوسلم ، سلّاه تعالى وذكّره بما جرى لموسى مع فرعون ، وقومه من قولهم : أرنا الله جهرة ، وقول قريش : أو تأتي بالله ، أو نرى ربنا ، وأنه أنزل آيات تسعا على موسى مثلما اقترحوا ، فلم تفد تلك الآيات فرعون وقومه بالإقبال على ساحة الإيمان ، ويكفيكم ما أنزل على محمدصلىاللهعليهوآلهوسلم من آيات علمية غير مادية ، فإن لم يؤمنوا ، كانت عاقبتكم الدمار والهلاك ، كما أهلك فرعون وقومه بالغرق.
وبعد أن ذكر تعالى إعجاز القرآن بقوله : (قُلْ : لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُ) [الإسراء ١٧ / ٨٨] عاد إلى بيان صفة نزول القرآن منجما ، وأنه حق ثابت لا يزول. وهكذا طريقة كلام العرب وأسلوبها ، تأخذ في شيء وتستطرد منه إلى شيء آخر ثم إلى آخر ، ثم تعود إلى ما ذكرته أولا (١). وهدد تعالى من لم يؤمن به ، وأنه قد آمن به علماء أهل الكتاب.
التفسير والبيان :
أجاب الله تعالى المشركين في هذه الآيات عن قولهم : لن نؤمن لك حتى تأتينا بهذه المعجزات القاهرة ، فقال تعالى : (وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسى تِسْعَ آياتٍ بَيِّناتٍ) أي لقد أمددنا موسى عليهالسلام وأعطيناه تسع آيات بيّنات ، وهي الدلائل القاطعة على صحة نبوته وصدقه ، فيما أخبر به ، حين أرسله إلى فرعون وقومه ، فلم يؤمنوا بها ، كما قال تعالى : (فَاسْتَكْبَرُوا ، وَكانُوا قَوْماً مُجْرِمِينَ) قال موسى لفرعون : لقد علمت علم اليقين أن هذه الآيات التسع ما أنزلها خالق [النمل ٢٧ / ١٤].
والآيات التسع هي كما ذكر ابن عباس فيما رواه عنه عبد الرزاق وسعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر : «العصا ، واليد ، والسنين ، والبحر ، والطوفان ، والجراد ، والقمّل ، والضفادع ، والدم آيات مفصلات».
__________________
(١) البحر المحيط : ٦ / ٨٧.