(وَعْدُ الْآخِرَةِ) أي المرة الآخرة ، فحذف الموصوف ، وأقيمت الصفة مقامه.
(وَلِيُتَبِّرُوا ما عَلَوْا كَما) : مصدرية ظرفية زمانية ، أي وليتبّروا مدّة علوهم ، فحذف المضاف ، كقولك : أتيتك مقدم الحاج ، أي زمن مقدم الحاج ، فحذف المضاف.
البلاغة :
(وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا) جناس اشتقاق.
(أَحْسَنْتُمْ أَسَأْتُمْ) بينهما طباق.
المفردات اللغوية :
(وَقَضَيْنا) أعلمناهم وأخبرناهم بذلك من طريق الوحي. (فِي الْكِتابِ) التوراة. (لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ) أرض الشّام بالمعاصي ، وهو جواب قسم محذوف. (مَرَّتَيْنِ) من الإفساد ، أولاهما ـ مخالفة أحكام التوراة وقتل أشعيا ، وثانيتهما ـ قتل زكريا ويحيى وقصد قتل عيسى. (وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيراً) لتستكبرنّ عن طاعة الله تعالى ، وتبغون بغيا عظيما ، وتظلمون الناس.
(فَإِذا جاءَ وَعْدُ أُولاهُما) أولى مرّتي الفساد ، ووعد عقاب أولاهما. (بَعَثْنا عَلَيْكُمْ عِباداً لَنا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ) أصحاب قوة في الحرب والبطش ، وهم بختنصّر وجنوده ، وقيل: جالوت الخزري ، وقيل : سنحاريب ملك بابل وجنوده. (فَجاسُوا خِلالَ الدِّيارِ) تردّدوا وسط دياركم لطلبكم وقتلكم وسببكم ، فقتلوا الكبار ، وسبوا الصغار ، وأحرقوا التوراة ، وخرّبوا المسجد الأقصى وبيت المقدس. (وَكانَ وَعْداً مَفْعُولاً) وكان وعد عقابكم نافذا ، لا بدّ منه.
(الْكَرَّةَ) الدّولة والغلبة. (عَلَيْهِمْ) بعد مائة سنة بقتل جالوت. (نَفِيراً) عشيرة. (إِنْ أَحْسَنْتُمْ) بالطاعة. (أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ) لأن ثوابه لها. (وَإِنْ أَسَأْتُمْ) بالفساد. (فَلَها) إساءتكم ، ووبالها عليها. (فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ) أي جاء وعد المرة الآخرة. (لِيَسُوؤُا وُجُوهَكُمْ) أي بعثناهم ليسوؤا وجوهكم ، أي ليجعلوها بادية آثار السوء فيها ، بأن يحزنوكم بالقتل والسّبي حزنا يظهر في وجوهكم وحذف بعثناهم لدلالة ما ذكر أولا عليه. (وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ) بيت المقدس فيخربوه ، وهو متعلّق بمحذوف هو : بعثناهم. (كَما دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ) كما خربوه أول مرة. (وَلِيُتَبِّرُوا) يهلكوا. (ما عَلَوْا) ما غلبوا عليه أو استولوا عليه من بلادكم ، أو مدة علوهم. (تَتْبِيراً) هلاكا ، وذلك بأن سلّط الله عليهم الفرس ، مرة أخرى ، فغزاهم ملك بابل من ملوك الطوائف ، اسمه : جوذرز أو خردوس ، وقتل منهم ألوفا ، وسبى ذريّتهم ، وخرّب بيت المقدس.
(عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ) أي وقلنا في الكتاب : عسى ربّكم ، بعد المرة الثانية ، إن تبتم.