وتفويض الهداية والإضلال إلى الله تعالى يخفف من معاناة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم مع قومه ، ويسرّي عنه حزنه وألمه على إعراضهم عن قبول دعوته.
(وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقاظاً وَهُمْ رُقُودٌ) أي وتظنهم إذا رأيتهم أيقاظا لانفتاح أعينهم وهم نيام ، لئلا يسرع إليها البلى ، كأنهم ينظرون إلى من يشاهدهم.
(وَنُقَلِّبُهُمْ ذاتَ الْيَمِينِ وَذاتَ الشِّمالِ) أي ونقلبهم مرة في ناحية اليمين ومرة في ناحية الشمال ، حتى لا تؤثر الأرض في أجسادهم ، ولكي تتعرض جلودهم للهواء.
واختلفوا في مدة التقليب ، فقيل : يقلّبون في العام مرتين ، وقيل : مرة في العام ، ولا دليل لكل من القولين ، ولا يرشد إليها العقل ، ولم يشر إليها القرآن ، ولم يرد فيه خبر صحيح ، فيبقى النص على إطلاقه. قال ابن عباس : لو لم يقلّبوا لأكلتهم الأرض.
(وَكَلْبُهُمْ باسِطٌ ذِراعَيْهِ بِالْوَصِيدِ) وكان كلبهم الذي تبعهم بإلهام الله للحراسة باسطا ذراعيه بفناء الكهف أو بباب الكهف يحرس عليهم الباب ، وهذا من سجيته وطبيعته ، كأنه يحرسهم ، وقد أصابه ما أصابهم من النوم على تلك الحال ، وهذه فائدة صحبة الأخيار.
(لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِراراً وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْباً) أي لو نظرت عليهم لأدبرت عنهم فرارا وهربا ، ولملئت منهم رعبا وفزعا ؛ لأن الله تعالى ألقى عليهم المهابة والوقار ، بحيث لا يقع نظر أحد عليهم إلا هابهم ، إلى أن انتهى أجل لبثهم راقدين ، وتحققت فيهم الحكمة البالغة ، والرحمة الواسعة ، وأقام الله فيهم الدليل المادي الحسي على قدرته على البعث والإعادة ، وعلى أن يوم القيامة آت لا ريب فيه.