وبما أن الله أخبر عن مدة لبثهم ، فهو الحق الذي لا شك فيه. وفائدة تأخير إيراد هذه الجملة الدلالة على أنهم تنازعوا في مدة اللبث ، كما تنازعوا في عددهم ، وجاء هذا التذييل هنا كالتذييل المتقدم في حكاية عددهم : (قُلْ : رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ).
والخلاصة : إن الخبر اليقين في بيان عدد أهل الكهف ومدة لبثهم هو من عند الله تعالى ؛ لأنه أعلم بالأشياء وبالحقائق ، وأما أقوال الناس فهي ظنون لا دليل عليها ، وتستند إلى الشائعات ، ولله وحده علم ما غاب في شؤون السموات والأرض ، وخفي من أحوال أهلها.
(أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ) هذا من صيغ التعجب والمبالغة ، أي إن الله تعالى لبصير بهم ، سميع لهم ، وذلك في معنى المبالغة في المدح والتعجب ، كأنه قيل : ما أبصره وأسمعه ، أي ما أبصر الله لكل موجود ، وأسمعه لكل مسموع ، لا يخفى عليه من ذلك شيء. قال قتادة في هذه الصيغة : فلا أحد أبصر من الله ولا أسمع.
(ما لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍ) أي ما للناس من دون الله متول يلي أمورهم ، وليس له وزير ولا نصير.
(وَلا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَداً) أي أن الله تعالى له الخلق والأمر ، لا معقّب لحكمه ، ولا يشاركه في قضائه أحد من الناس ، وليس له شريك ولا مشير.
فقه الحياة أو الأحكام :
يستفاد من بيان قصة أصحاب الكهف ما يأتي :
١ ـ ليس حال هذه القصة هي الآية العجاب من آيات الله فقط ، وإنما خلق السموات والأرض وما فيهما أشد عجبا وأعظم روعة ، وأدل على قدرة الله عزوجل ، فلا يعظم ذلك أيها النبي بحسب ما عظمه عليك السائلون من الكفرة.