والدليل على كون ذلك تهديدا قوله تعالى بعدئذ مباشرة : (إِنَّا أَعْتَدْنا لِلظَّالِمِينَ ناراً أَحاطَ بِهِمْ سُرادِقُها) أي إنا أعددنا للكافرين الجاحدين نارا شديد اللهب ، أحاط بهم سرادقها ، أي سورها ، أو ما يعلو الكفار من دخان أو نار.
وشراب أهل النار : هو المهل ، وهو ماء غليظ مثل درديّ الزيت (وهو ما يبقى في أسفل الوعاء) ، أو النحاس المذاب ، أو كالقيح والدم ، كما في قوله تعالى : (وَيُسْقى مِنْ ماءٍ صَدِيدٍ ، يَتَجَرَّعُهُ وَلا يَكادُ يُسِيغُهُ) [إبراهيم ١٤ / ١٦ ـ ١٧] ، وقوله سبحانه : (وَسُقُوا ماءً حَمِيماً ، فَقَطَّعَ أَمْعاءَهُمْ) [محمد ٤٧ / ١٥].
وما أسوأ وأقبح العذاب في نار جهنم ، لذا قال تعالى : (وَساءَتْ مُرْتَفَقاً) أي مجتمعا ومنزلا ومقرا.
٤ ـ بعد أن ذكر تعالى ما أعد للكافرين من الهوان ، ذكر أيضا ما للمؤمنين من الثواب ، فإن الله تعالى لا يضيع أجر من أحسن من المؤمنين عملا ، مما يدل على أن أساس النجاة : الإيمان مع العمل الصالح. أما من أحسن عملا من غير المؤمنين ، فعمله محبط.
وثواب المؤمنين : جنات عدن أي وسطها وسائر الجنات محدقة بها ، باللؤلؤ وأساور الذهب ، ويلبسون الثياب الخضر من الرقيق الرقيق والغليظ الكثيف ، ويتكئون على الأرائك وهي السرر في الحجال (١).
فما أجمل وأحسن ذلك الثواب ، لذا قال تعالى : (نِعْمَ الثَّوابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقاً) أي نعمت الجنة ثوابا للمؤمنين الصالحين ، وحسنت مقرا ومقاما ومجلسا ومجتمعا.
__________________
(١) الحجال : جمع الحجلة كالقبة ، وموضع يزين بالثياب والستور والأسرة للعروس.