(تَأْوِيلاً) مآلا أو عاقبة (وَلا تَقْفُ) لا تتبع ما لا تعلم (وَالْفُؤادَ) القلب (مَسْؤُلاً) صاحبه : ماذا فعل به؟ فكل هذه الأعضاء يسأل صاحبها عما فعل بها ، وأجراها مجرى العقلاء ، لما كانت مسئولة عن أحوالها ، شاهدة على صاحبها.
(مَرَحاً) فخرا وتكبرا ، أو ذا مرح بالكبر والخيلاء (لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ) تثقبها حتى تبلغ آخرها بكبرك أو لن تجعل فيها طرقا بشدة ووطأتك (وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبالَ طُولاً) أي لا تبلغ هذا المبلغ ، فكيف تختال؟! (كُلُّ ذلِكَ) المذكور من قوله : (وَقَضى رَبُّكَ) إلى هذا الموضع (مِمَّا أَوْحى إِلَيْكَ) يا محمد (مِنَ الْحِكْمَةِ) هي معرفة الحق سبحانه لذاته ، والخير والموعظة للعمل بهما. (وَلا تَجْعَلْ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ) كرره للتنبيه على أن التوحيد مبدأ الأمر ومنتهاه ، فإن من لا قصد له لا يقبل عمله ، ومن قصد بفعله أو تركه غير التوحيد ، ضاع سعيه ، وأنه ـ أي التوحيد ـ رأس الحكمة وملاكها (مَلُوماً) تلام نفسك (مَدْحُوراً) مطرودا من رحمة الله. ثم رتب على الشرك نتيجته في الآخرة ، وهو الإلقاء في جهنم.
المناسبة :
بعد أن أمر الله تعالى بخمسة أشياء أولا هي (التوحيد ، والاشتغال بعبادة الله بإخلاص والاحتراز عن عبادة غير الله ، والإحسان إلى الوالدين والتواضع لهما ، وإيتاء ذوي القربى والمساكين وأبناء السبيل ، والقول الميسور) ثم ذكر أدب الإنفاق وهو التوسط دون إسراف ولا تقتير ، أتبعه بالنهي عن ثلاثة أشياء وهي (النهي عن الزنى ، وعن القتل إلا بالحق ، وعن قربان مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن).
ثم أتبعه بأوامر ثلاثة : هي الوفاء بالعهد ، وإيفاء الكيل ، ووزن الميزان بالقسط أو العدل. ثم نهى عن ثلاثة أشياء : اتباع ما لا علم له به ، والتكبر والخيلاء ، واتخاذ الشركاء آلهة مع الله.
والخلاصة : أنه تعالى جمع في هذه الآيات وما قبلها خمسة وعشرين نوعا من التكاليف وهي ما يأتي ، مبتدئا بالأمر بالتوحيد والنهي عن الشرك ، مختتما به