الله ، وهدم له ؛ لأن الإنسان ليس ملكا لنفسه ، إنما هو ملك لخالقه ، وثروة لمجتمعه ودولته ، ولذلك حرّم الانتحار وحرّم قتل النفس إلا بالحق ، فمن قتل نفسه فهو آثم معتد ، ومن قتل غيره فهو أيضا معتد أثيم.
ومعنى الآية : ولا تقتلوا النفس الإنسانية التي حرم الشرع قتلها إلا إذا كان بحق شرعي ، وهو أحد أمور ثلاثة : كفر بعد إيمان (ردة) وزنى بعد إحصان ، وقتل معصوم الدم عمدا ، ثبت في الصحيحين وغيرهما عن ابن مسعود أن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : «لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله إلا بإحدى ثلاث : النفس بالنفس ، والزاني المحصن ، والتارك لدينه المفارق للجماعة». وثبت في السنن للترمذي والنسائي عن ابن عمرو : «لزوال الدنيا عند الله أهون من قتل مسلم».
فالقتل بغير حق جريمة عظمي ؛ لأنه إفساد والله تعالى لا يحب الفساد ، وضرر واعتداء ، وإخلال بالأمن ، وإحداث للاضطراب في المجتمع ، وسبيل لانقراض الإنسانية.
وبعد أن استثنى الله تعالى من تحريم القتل حالة القتل بالحق بقوله : (إِلَّا بِالْحَقِ) أثبت الحق في تنفيذ القصاص بإشراف الدولة لولي الدم ، مع تقييده بحصر القتل في القاتل نفسه دون غيره ، فقال : (وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً ..) أي ومن قتل ظلما وعدوانا بغير حق يوجب قتله ، فقد جعلنا لمن يلي أمره من وارث أو سلطان حاكم عند عدم الوارث سلطة على القاتل ومنحه الخيار بأحد أمرين : إما القصاص (القود) منه بعد حكم قضائي وبإشراف القاضي ، وإما العفو عنه على الدية أو مجانا كما ثبت في السنة ، لقوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصاصُ فِي الْقَتْلى) [البقرة ٢ / ١٧٨] وقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم فيما رواه أبو داود والنسائي عن أبي شريح الخزاعي : «من قتل له قتيل بعد مقالتي هذه ، فأهله بين خيرتين : إما أن يأخذوا العقل ـ الدية ـ أو يقتلوا».