وهو كتاب لم يصنّف قبله مثله ، وعليه قالوا نقلا عنه : «لولا الكَوسَجُ (١) الاعرج لبقي القرآن بكراً» ؛ ومنها اطواق الذهب في المواعظ والادب ؛ والرائض في علم الفرائض ؛ والانموذج في النحو ؛ والقسطاس في العروض ؛ ومنها وهو من أعظمها اساس البلاغة ، معجم لغوي يمتاز عن غيره من المعاجم بخصائص منها : «تخيّر ما وقع في عبارات المُبدعين ، وانطوى تحت استعمالات المُفلقين ، او ما جاز وقوعه فيها ، وانطواؤه تحتها من التراكيب التي تَمْلُحُ وتَحْسُنُ».
«ومنها : التوقيف على مناهج التركيب والتأليف ، وتعريف مدارج الترتيب والتصنيف ؛ بسوق الكلمات متناسقة لا مرسلة بَدَدا ، ومتناظمة لا طرائق قِدَدَا».
«ومنها : تأسيس فصل الخطاب والكلام الفصيح بإفراد المجاز عن الحقيقة ، والكناية عن التصريح».
وقد رتب حروفه حسب الطريقة التي تجعل الواو قبل الهاء.
ولم يكن الزمخشري ناثراً فحسبُ ، وانما كان كذلك شاعراً ، وله اشعار كثيرة لطيفة رائعة.
عقيدته :
كان الزمخشري معتزليّ الاعتقاد متظاهراً به حتى نُقل عنه انه كان يسمّي نفسَه بأبي القاسم المعتزليّ أحياناً. ولما صنّف «الكَشّاف» كتب في اول مقدّمته : «الحمد لله الذي خَلقَ القرآنَ» فقيل له : اذا بقي كذلك هجَره الناس ، فغيّر ذلك بقوله : الذي جعل القرآن ، ولفظة جَعل عند المعتزلة تعني «خَلَقَ» ، ثم إن العلماء غيّروا ذلك بعد موته وكتبوا على نسخ الكشّاف : «الحمد لله الذي أنزل القُرآن».
وفاته :
توفي الزمخشري بجُرجانية خوارزم بعد رجوعه من مكة ، ودفن فيها.
__________________
(١) الكوسج : الذي لحيته على ذقنه لا على العارضين.