منقول عن ابن عباس ، وابن عمر ، وعلي ، وأبي هريرة ، وأبي الطّفيل عامر بن واثلة من الصحابة ، وسعيد بن المسيب ، وسعيد بن جبير ، والحسن البصري ، ومجاهد ، والشعبي ، ويوسف بن مهران ، والربيع بن أنس ، ومحمد بن كعب القرظي ، والكلبي ، وعلقمة ، وأبي جعفر محمد بن علي ، وأبي صالح من التابعين رضياللهعنهم ، قالوا : الذبيح إسماعيل (١). قال القرطبي : وهذا القول أقوى في النقل عن النبي صلي الله عليه وآله وسلم وعن الصحابة والتابعين.
ولكن اليهود حسدوا العرب على هذا الفضل بأن يكون أبوهم إسماعيل هو الذبيح ، فزادوا في التوراة وحرفوها ، ودسّوا في روايات الآثار وبعض الأحاديث أن الذبيح إسحاق ، وسرى ذلك بين بعض الصحابة وبعض المسلمين محتجين بدليلين :
الأول ـ إنه تعالى حكى عن إبراهيم عليهالسلام قبل هذه الآية أنه قال : (إِنِّي ذاهِبٌ إِلى رَبِّي سَيَهْدِينِ) والمراد منه بالإجماع مهاجرته إلى الشام ، ثم قال : (فَبَشَّرْناهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ) فوجب أن يكون هذا الغلام ليس إلا إسحاق. ثم قال بعده : (فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ) والغلام الذي بلغ معه السعي هو ذلك الغلام الذي حصل في الشام ، فثبت أن مقدمة هذه الآية تدل على أن الذبيح هو إسحاق. وكذلك آخر الآية يدل أيضا على ذلك ، لأنه تعالى لما تمم قصة الذبيح قال بعده : (وَبَشَّرْناهُ بِإِسْحاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ) وإنما بشره بهذه النبوة لتحمّله هذه الشدائد في قصة الذبيح ، فأول الآية وآخرها يدل على أن الذبيح هو إسحاقعليهالسلام.
الثاني ـ ما اشتهر من كتاب يعقوب عليهالسلام ونصه : «من يعقوب إسرائيل نبي الله بن إسحاق ذبيح الله بن إبراهيم خليل الله».
__________________
(١) تفسير ابن كثير : ٤ / ١٧ ـ ١٩ ، تفسير الرازي : ٢٦ / ١٥٣ وبعدها ، تفسير القرطبي : ١٥ / ١٠٠ ، تفسير الخازن ٦ / ٢٢.