وهذا هو المروي الصحيح عن عبد الله بن مسعود : أن رجلا قال له : يا ابن الأشياخ الكرام ، فقال عبد الله : ذلك يوسف بن يعقوب بن إسحاق ذبيح الله بن إبراهيم خليل اللهعليهالسلام.
وروي ذلك أيضا عن عمر ، وجابر ، والعباس ، وكعب الأحبار من الصحابة ، وعن بعض التابعين مثل قتادة ، ومسروق ، وعكرمة ، وعطاء ، ومقاتل ، والزهري ، والسدّي ، وعن مالك بن أنس ، كلهم قالوا : الذبيح إسحاق. لكن يلاحظ أن لكعب الأحبار في هذه الأخبار ضلعا واضحا ، وهي أخبار من الكتب القديمة غير موثوقة ، وتلقاها بعض المسلمين عنه ، وسرت فيما بينهم. وقد نقلنا عن ابن كثير والبيضاوي تفنيد هذه الروايات.
وكان الزجاج يقول : الله أعلم أيهما الذبيح؟ وهذا مذهب ثالث.
٥ ـ الحكمة في مشاورة إبراهيم ابنه بقوله : (فَانْظُرْ ما ذا تَرى) : أن يطلع ابنه على هذه الواقعة ، ليظهر له صبره في طاعة الله ، فتكون فيه قرة عين لإبراهيم ، والصبر درجة عالية ، وليحصل للابن الثواب العظيم في الآخرة ، والثناء الحسن في الدنيا ، فقال إسماعيل : (سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللهُ مِنَ الصَّابِرِينَ).
وإنما علّق ذلك بمشيئة الله تعالى على سبيل التبرك والتيمن ، وأنه لا حول عن معصية الله إلا بعصمة الله ، ولا قوة على طاعة الله إلا بتوفيق الله. قال بعض أهل الإشارة : لما استثنى ، وفقه الله للصبر.
٦ ـ قوله (فَلَمَّا أَسْلَما) أي انقادا لأمر الله : دليل على أن الأب والابن كانا في درجة واحدة من التسليم والتفويض لأمر الله تعالى.
٧ ـ عدد الله تعالى بمناسبة هذه القصة على إبراهيم عليهالسلام ـ كما تقدم ـ نعما خمسا : هي جزاؤه الحسن (إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ) أي نجزيهم بالخلاص