٤ ـ أتى يونس عليهالسلام بما يلام عليه ، فأصابته القرعة ثلاث مرات ، فألقوه في البحر ، تخفيفا لحمولة السفينة ، فالتقمه الحوت ، وهو آت بما يلام عليه.
٥ ـ لم يبين القرآن الكريم مدة لبثه في بطن الحوت ، لذا اختلف العلماء في تعيين المدة ، فقيل : بعض يوم ، أو ساعة واحدة ، وقيل : ثلاثة أيام ، وقيل : سبعة أيام ، وقيل : عشرين يوما ، وقيل : أربعين يوما (١). والمعول عليه أن الله أبقاه حيا في بطن الحوت ، فجعله عسير الهضم عليه ، في مدة قليلة أو كثيرة ، معجزة له.
٦ ـ لقد نجى الله تعالى يونس عليهالسلام ، لأمرين : أنه كان من المسبحين الذاكرين الله كثيرا طوال عمره ، ومن تعرف على الله وقت الرخاء عرفه وقت الشدة ، وأنه أعلن توبته في بطن الحوت الذي حماه الله من هضمه ، فقال : (لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ ، سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ). لذلك قيل : إن العمل الصالح يرفع صاحبه إذا عثر. وقال الحسن البصري : ما كان له صلاة في بطن الحوت ، ولكنه قدم عملا صالحا في حال الرخاء ، فذكّره الله به في حال البلاء ، وإن العمل الصالح ليرفع صاحبه ، وإذا عثر وجد متكأ.
ومن هذا المعنى قوله صلي الله عليه وآله وسلم فيما رواه الضياء عن الزبير : «من استطاع منكم أن تكون له خب (أي خبيئة) من عمل صالح فليفعل» أي فليجتهد العبد ، ويحرص على خصلة من صالح عمله ، يخلص فيها بينه وبين ربه ، ويدخرها ليوم فاقته وفقره ، ويسترها عن خلقه ، يصل إليه نفعها أحوج ما كان إليه.
أما تسبيحه فقال القرطبي : الأظهر أنه تسبيح اللسان الموافق للجنان. جاء في كتاب أبي داود عن سعد بن أبي وقاص عن النبي صلي الله عليه وآله وسلم قال : «دعاء ذي النون
__________________
(١) تفسير القرطبي : ١٥ / ١٢٣