وذلك تنزيه واجب واقع لا شك فيه ، يستحق ربنا به تمام الحمد والشكر على تعريفنا بما يجب لذاته الكريمة من تقديس.
٥ ـ إن عباد الله المخلصين لله العبادة ، المتبعين أوامر ربهم ، هم الناجون.
٦ ـ لا يقر هؤلاء الكفار ولا آلهتهم التي يعبدون من دون الله على حمل أحد على الضلال إلا إذا كان سبق في علم الله أنه من أهل النار ، لإصراره على الكفر ، وعدم استعداده للإيمان.
قال الرازي : وهذا دليل لأهل السنة على أنه لا تأثير لإغواء الشيطان ووسوسته ، وإنما المؤثر قضاء الله وتقديره ، لأن قوله تعالى : (فَإِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفاتِنِينَ) تصريح بأنه لا تأثير لقولهم ، ولا تأثير لأحوال معبوديهم في وقوع الفتنة والضلال. وقوله تعالى : (إِلَّا مَنْ هُوَ صالِ الْجَحِيمِ) يعني إلا من كان كذلك في حكم الله وتقديره (١). وهي رد على القدرية. فإن حكم الله وقدره لا جبر فيه ولا إكراه.
٧ ـ وصف الملائكة أنفسهم بثلاث صفات ، تعظيما لله عزوجل ، واعترافا بالعبودية له ، وإنكارا منهم عبادة من عبدهم ، وهي : أن لكل واحد منهم مرتبة لا يتجاوزها ، ودرجة لا يتعدى عنها ، وأنهم صافون صفوفا في أداء الطاعات ومنازل الخدمة والعبودية ، وأنهم دائما يسبحون الله تعالى ، والتسبيح : تنزيه الله عما لا يليق به.
وجاءت الصفتان الثانية والثالثة بصفة الحصر ، ومعناه : أنهم في مواقف العبودية لا غيرهم ، وأنهم هم المسبحون لا غيرهم ، وذلك يدل على أن طاعات البشر ومعارفهم بالنسبة إلى طاعات الملائكة وإلى معارفهم كالعدم ، حتى يصح هذا الحصر ، كما ذكر الرازي. ثم عقب على ذلك قائلا : فكيف يجوز مع هذا الحصر أن
__________________
(١) تفسير الرازي : ٢٦ / ١٧٠