رَبِّكَ؟ نَحْنُ قَسَمْنا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا ، وَرَفَعْنا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ) [الزخرف ٤٣ / ٣٢].
وسبب استبعادهم هذا ، الناشئ عن جهلهم وقلة عقلهم : الشك في أمر القرآن وحسد النبوة :
(بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْ ذِكْرِي ، بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذابِ) أي بل الحقيقة أنهم في شك من القرآن أو الوحي ، بل إنما شكوا وتركوا النظر والاستدلال ، لأنهم لم يذوقوا عذابي ، فإذا ذاقوه صدقوا بالقرآن ، وزال عنهم الشك والحسد. و (لَمَّا) بمعنى «لم» وما : زائدة ، مثل : (عَمَّا قَلِيلٍ) [المؤمنون ٢٣ / ٤٠] و (فَبِما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُمْ) [النساء ٤ / ١٥٥ أو المائدة ٥ / ١٣].
ثم رد الله تعالى عليهم استبعادهم نبوة محمد صلي الله عليه وآله وسلم وجعلها في صناديدهم قائلا :
(أَمْ عِنْدَهُمْ خَزائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ الْعَزِيزِ الْوَهَّابِ) أي بل أهم يملكون مفاتيح نعم ربك القوي الغالب ، المانح الواهب الكثير المواهب ، حتى يعطوا نعمة النبوة لمن يشاءون؟ كما في آية أخرى : (قُلْ : لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذاً لَأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الْإِنْفاقِ ، وَكانَ الْإِنْسانُ قَتُوراً) [الإسراء ١٧ / ١٠٠].
ثم أنكر الله تعالى ما هو أشد ، فقال :
(أَمْ لَهُمْ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما فَلْيَرْتَقُوا فِي الْأَسْبابِ) أي بل أهم يملكون السموات والأرض وما بينهما من المخلوقات والعوالم ، فإن فرض أنهم يملكون ، فليصعدوا في المعارج التي توصلهم إلى السماء ، حتى يحكموا بما يريدون من عطاء ومنع ، ويدبروا أمر العالم بما يشتهون.
ثم أجمل الله تعالى وصفهم بالقلة والحقارة فقال :
(جُنْدٌ ما هُنالِكَ مَهْزُومٌ مِنَ الْأَحْزابِ) أي ما هم إلا جند مغلوبون