(فَواقٍ) بضم الفاء وفتحها : أي توقف مقدار من الزمن وهو ما بين حلبتي الناقة أو الرضعتين ، حتى يجتمع الحليب في الضرع ، أو الفواق : الرجوع والترداد ، فإن في الفواق يرجع اللبن بعد سويعة إلى الضرع ، أي إذا جاءت الصيحة لا تتوقف مقدار فواق ناقة ، وفي الحديث الذي رواه البيهقي عن أنس ، وهو ضعيف : «العيادة فواق ناقة» (وَقالُوا) كفار مكة استهزاء (قِطَّنا) قسطنا من العذاب الذي توعدنا به ، أو كتاب أعمالنا ، استعجلوا ذلك استهزاء.
المناسبة :
بعد بيان أن المشركين توانوا وتكاسلوا عن النظر والاستدلال ، لأنه لم ينزل بهم العذاب ، بيّن الله تعالى في هذه الآيات أن أقوام سائر الأنبياء كانوا هكذا ، حتى نزل بهم العقاب. والمقصود منه تخويف أولئك الكفار الذين كانوا يكذبون الرسول صلي الله عليه وآله وسلم في إخباره عن نزول العقاب بهم.
التفسير والبيان :
ذكر الله ستة أصناف من الكفار الذين كذبوا الرسل في الأمم الغابرة وهم :
١ ـ ٣ : (كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعادٌ وَفِرْعَوْنُ ذُو الْأَوْتادِ) أي كذبت الرسل قبل قريش قوم نوح ، وقبيلة عاد ، وفرعون ذو الحكم الراسخ وقومه.
أما قوم نوح عليهالسلام فكذبوه وآذوه وهزئوا به ، وقالوا عنه : إنه مجنون ، فأهلكهم الله بالغرق والطوفان ، ونجّى الله نوحا ومن آمن به ، كما قال تعالى : (كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ ، فَكَذَّبُوا عَبْدَنا ، وَقالُوا : مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ ، فَدَعا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ ، فَفَتَحْنا أَبْوابَ السَّماءِ بِماءٍ مُنْهَمِرٍ ، وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً ، فَالْتَقَى الْماءُ عَلى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ ، وَحَمَلْناهُ عَلى ذاتِ أَلْواحٍ وَدُسُرٍ ، تَجْرِي بِأَعْيُنِنا جَزاءً لِمَنْ كانَ كُفِرَ) [القمر ٥٤ / ٩ ـ ١٤].
وأما عاد قوم هود عليهالسلام فكذبوه أيضا ، فأهلكهم الله بالريح ، كما قال تعالى : (وَأَمَّا عادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عاتِيَةٍ ، سَخَّرَها عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيالٍ وَثَمانِيَةَ