النار وقدموا لنا هذا العذاب عقابا مضاعفا في النار ، عقابا على الكفر ، وعقابا على الإضلال ، كما قال تعالى : (رَبَّنا هؤُلاءِ أَضَلُّونا ، فَآتِهِمْ عَذاباً ضِعْفاً مِنَ النَّارِ قالَ : لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلكِنْ لا تَعْلَمُونَ) أي لكل منكم عذاب بحسبه [الأعراف ٧ / ٣٨ ـ ٣٩] وقال سبحانه : (رَبَّنا إِنَّا أَطَعْنا سادَتَنا وَكُبَراءَنا ، فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا ، رَبَّنا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذابِ ، وَالْعَنْهُمْ لَعْناً كَبِيراً) [الأحزاب ٣٣ / ٦٧ ـ ٦٨]. ويؤيده الحديث الصحيح عند مسلم عن جرير بن عبد الله : «من سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها».
ثم تحدث الكفار عن أناس كانوا يعتقدون أنهم على الضلالة ، فقال تعالى :
(وَقالُوا : ما لَنا لا نَرى رِجالاً كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الْأَشْرارِ؟) أي قال المشركون بعضهم لبعض تعجبا وتحسرا : إننا نفتقد في النار رجالا كنا نعدهم في الدنيا أشرارا لا خير فيهم ، فما لنا لا نراهم معنا في النار؟ يعنون في زعمهم فقراء المؤمنين ، كعمّار وخبّاب وصهيب وبلال وسالم وسلمان.
قال مجاهد : هذا قول أبي جهل يقول : ما لي لا أرى بلالا وعمارا وصهيبا وفلانا وفلانا؟ وهذا ضرب مثل ، وإلا فكل الكفار ، هذا حالهم ، يعتقدون أن المؤمنين يدخلون النار. فلما دخل الكفار النار افتقدوهم فلم يجدوهم ، فقالوا هذا القول.
(أَتَّخَذْناهُمْ سِخْرِيًّا أَمْ زاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصارُ) أي الأجل أنا قد سخرناهم في الدنيا في أعمالنا ، أو سخرنا منهم ، وكانوا أهل الكرامة فأخطأنا ، فلم يدخلوا النار ، أم هم معنا ولكن لم نعلم مكانهم في النار؟ قال الحسن البصري : كل ذلك قد فعلوه ، اتخذوهم سخريا ، وزاغت عنهم أبصارهم ، أي وهم في الجنة. وقوله : (سِخْرِيًّا) بضم السين وكسرها ، قيل : هما بمعنى واحد ، وقيل : بالكسر هو الهزء ، وبالضم : هو التذليل والتسخير.